فكلام أبي جعفر من هذا النمط، وهو كثير مفيد.
وقد حكى أبو علي التنوخي في " النشوار " له، عن عثمان بن محمد السلمي قال: حدثني ابن منجو القائد قال: حدثني غلام لابن المزوق قال:
اشترى مولاي جارية، فزوجنيها، فأحببتها وأبغضتني حتى ضجرت، فقلت لها: أنت طالق ثلاثا، لا تخاطبيني بشئ إلا قلت لك مثله، فكم أحتملك؟
فقالت في الحال: أنت طالق ثلاثا. فأبلست، فدللت على محمد بن جرير، فقال لي: أقم معها بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا إن طلقتك. فاستحسن هذا الجواب. وذكره شيخ الحنابلة ابن عقيل، وقال: وله جواب آخر: أن يقول كقولها سواء: أنت طالق. ثلاثا بفتح التاء فلا يحنث. وقال أبو الفرج بن الجوزي: وما كان يلزمه أن يقول لها ذلك على الفور فله التمادي إلى قبل الموت.
قلت: ولو قال: أنت طالق ثلاثا، وقصد الاستفهام أو عنى أنها طالق من وثاق، أو عنى الطلق لم يقع طلاق في باطن الامر.
وله جواب آخر على قاعدة مراعاة سبب اليمين ونية الحالف، فما كان عليه أن يقول لها ما قالته، إذ من المعلوم بقرينة الحال استثناء ذلك قطعا، لأنه ما قصد إلا أنها إذا قالت له ما يؤذيه أن يؤذيها بمثله، ولو جاوبها بالطلاق لسرت هي، ولتأذى هو، كما استثني من عموم قوله تعالى: (وأوتيت من كل شئ) [النمل: 23] بقرينة الحال أنها لم يؤت لحية ولا إحليلا. ومن المعلوم استثناؤه بالضرورة التي لم يقصدها الحالف قط لو حلف: لا تقولي لي شيئا إلا قلت لك مثله، أنها لو كفرت وسبت الأنبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لأحسن.
ثم يقول طائفة من الفقهاء: إنه لم يحنث إلا أن يكون والعياذ بالله