سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ١٩٢
الهيئة تكلموا في سير النجوم والشمس والقمر، والكسوف والقران (1) بأمور طويلة لم يأت الشرع بها، فلما ذكر صلى الله عليه وسلم الشهور ومعرفتها، بين أن معرفتها ليست بالطرق التي يفعلها المنجم وأصحاب التقويم، وأن ذلك لا نعبأ به في ديننا، ولا نحسب الشهر بذلك أبدا. ثم بين أن الشهر بالرؤية فقط، فيكون تسعا وعشرين، أو بتكملة ثلاثين (2)، فلا نحتاج مع الثلاثين إلى تكلف رؤية.
وأما الشعر: فنزهه الله تعالى عن الشعر، قال تعالى: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) [يس: 69] فما قال الشعر مع كثرته وجودته في قريش، وجريان قرائحهم به، وقد يقع شئ نادر في كلامه عليه السلام موزونا، فما صار بذلك شاعرا قط، كقوله:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب (3) وقوله:
هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت (4)

(١) يعني قران الكواكب. انظر " اللسان " مادة " قرن ".
(٢) انظر تخريج الحديث السابق.
(٣) قطعة من خبر مطول أخرجه البخاري: ٨ / ٢٤ في المغازي: باب قول الله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) ومسلم (١٧٧٦) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين. وانظر " سيرة ابن هشام " ٢ / ٤٤٤ و ٤٤٥.
(٤) أخرجه البخاري: ٦ / ١٤ في الجهاد: باب من ينكب أو يطعن في سبيل الله، ومسلم (١٧٩٦) في الجهاد والسير: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، من طريق أبي عوانة عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد، وقد دميت أصبعه فقال:
هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»