سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٨٠
السياري، سمعت محمد بن داود بن يزيد الرازي، سمعت أبا زرعة يقول:
ارتحلت إلى أحمد بن صالح المصري، فدخلت عليه، مع أصحاب الحديث، فتذاكرنا إلى أن ضاق الوقت،، ثم أخرجت من كمي أطرافا، فيها أحاديث سألته عنها، فقال لي: تعود، فعدت من الغد، ومعي أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف، وسألته عنها، فقال: تعود. فقلت: أليس قلت لي بالأمس: تعود؟! ما عندك مما يكتب، أورد علي مسندا أو مرسلا أو حرفا مما أستفيد، فإن لم أروه لك عمن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة، ثم قلت (1): من ها هنا ممن نكتب عنه؟ قالوا: يحيى بن بكير.
ابن جوصا: سمعت أبا إسحاق الجوزجاني يقول: كنا عند سليمان بن عبد الرحمن، فلم يأذن لنا أياما، ثم دخلنا عليه، فقال: بلغني ورود هذا الغلام - يعني أبا زرعة - فدرست للالتقاء به ثلاث مئة ألف حديث.
وعن أبي حاتم، قال: كان أبو زرعة لا يأكل الجبن، ولا الخل.
وقال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: لا تكتبوا عني بالمذاكرة، فإني أخاف أن تحملوا خطأ، هذا ابن المبارك كره أن يحمل عنه بالمذاكرة، وقال لي إبراهيم بن موسى: لا تحملوا عني بالمذاكرة شيئا.
وسمعت أبا زرعة يقول: إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث، لا يكون حجة. ثم روى له حديث القراءة خلف الإمام (2)، وسمعته يقول: كان

(١) في الأصل: " قمت ". وهو خطأ لا يستقيم الكلام به.
(٢) أخرجه: أحمد: ٥ / ٣٢٢، وأبو داود: (٣٢٨) وابن خزيمة: (١٥٨١)، وابن حبان: (٤٦٠)، والبيهقي: ٢ / ١٦٤، والحاكم: ١ / ٢٣٨، والدارقطني:
١ / ٣١٨، كلهم. من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: " لعلكم تقرؤون خلف إمامكم "؟ قلنا: نعم هذا يا رسول الله. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ". وهذا سند رجاله ثقات، وقد صرح ابن إسحاق في بعض الروايات بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، إلا أن مكحولا مدلس وقد عنعن، وهو مضطرب الاسناد، فالسند ضعيف. انظر التفصيل في " الجوهر النفي ": ١ / ١٦٤، ونصب الراية: ٢ / 12.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»