وأحمد بن نصر الرئيس الزهد والورع، وصحبة الابدال، إلى أن بلغ من العلم والرئاسة والجلالة ما بلغ، ولم يكن يعقب.
قال: فلما أيس من الولد، تصدق بأموال، كان يقال: إن قيمتها خمسة آلاف ألف درهم، على الاشراف والفقراء والموالي (1).
قال: وسمعت أبا الطيب الكرابيسي: سمعت ابن خزيمة يقول على رؤوس الملا يوم مات أبو عمرو الخفاف: لم يكن بخراسان أحفظ منه للحديث (2).
قال: وسمعت محمد بن المؤمل بن الحسن الماسرجسي، سمعت أبا عمرو الخفاف يقول: كان عمرو بن الليث الصفار - يعني السلطان - يقول لي: يا عم! متى ما علمت شيئا لا يوافقك فاضرب رقبتي، إلى أن أرجع إلى هواك (3).
قلت: كذا فليكن السلطان مع الشيخ، وقد كان عمرو بن الليث صانعا في الصفر، فتنقلت به الأحوال إلى أن تملك خراسان، وتملك بعده أخوه يعقوب، فانظر في " تاريخ الاسلام " تسمع العجب من سيرتهما.
وكان الرئيس أبو عمرو عظيم القدر، سيدا مطاعا ببلده، نال رئاسة الدين والدنيا، وكانوا يلقبونه بزين الاشراف.
وكانت وفاته في شهر شعبان، سنة تسع وتسعين ومئتين، من أبناء الثمانين.