سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٦٤
ما ضرهم إذ مر فيهم جعفر * أن لا يكون ربيعهم ممطورا (1) قد اختلف في سبب مصرع جعفر على أقوال: فقيل: إن جبريل ابن بختيشوع الطبيب (2) قال: إني لقاعد عند الرشيد، فدخل يحيى بن خالد، وكان يدخل بلا إذن، فسلم، فرد الرشيد ردا ضعيفا، فوجم يحيى، فقال هارون: يا جبريل، يدخل عليك أحد بلا إذن؟ قلت: لا، قال: فما بالنا؟ فوثب يحيى، وقال: قدمني الله يا أمير المؤمنين قبلك، والله ما هو إلا شئ حصصتني به، والآن فتبت، فاستحيى الرشيد، وقال: ما أردت ما تكره، ولكن الناس يقولون (3).
وقيل: إن ثمامة قال: أول ما أنكر يحيى بن خالد من أمره أن محمد ابن الليث رفع رسالة إلى الرشيد يعظه، وفيها: إن يحيى لا يغني عنك من الله شيئا. فأوقف الرشيد يحيى على الرسالة، وقال: أتعرف محمد بن الليث؟ قال: نعم، هو منهم على الاسلام، فسجنه، فلما نكبت البرامكة، أحضره، وقال أتحبني؟ قال: لا والله. قال: أتقول هذا؟
قال: نعم، وضعت في رجلي القيد، وحلت بيني وبين عيالي بلا ذنب سوى قول حاسد يكيد الاسلام وأهله، ويحب الالحاد وأهله. فأطلقه، وقال:
أتحبني؟ قال: لا، ولا أبغضك فأمر له بمئة ألف، وقال: أتحبني؟ قال:

(1) " وفيات الأعيان " 1 / 330.
(2) كان طبيب هارون الرشيد وجليسه وخليله، يقال: إن منزلته ما زالت تقوى عند الرشيد حتى قال لأصحابه: من كانت له حاجة إلي، فليخاطب بها جبريل، فإني أفعل كل ما يسألني فيه، ويطلبه مني. فكان القواد يقصدونه في كل أمورهم، ولما توفي الرشيد خدم الأمين، فلما ولي المأمون سجنه، ثم أطلقه وأعاده إلى مكانته عند أبيه الرشيد، فلم يزل إلى أن توفي سنة 213 ه‍، ودفن في دير مار جرجس بالمدائن. " طبقات الأطباء ":
187، 201.
(3) " تاريخ الطبري " 8 / 287.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»