سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٧
وقال يوسف بن أسباط: كان سفيان يبول الدم من طول حزنه وفكرته.
قال عبد الرزاق: لما قدم سفيان علينا، طبخت له قدر سكباج (1)، فأكل، ثم أتيته بزبيب الطائف، فأكل ثم قال: يا عبد الرزاق! اعلف الحمار وكده (2). ثم قام يصلي حتى الصباح.
وقال أحمد بن يونس: حدثنا علي بن الفضيل: رأيت الثوري ساجدا، فطفت سبعة أسابيع (3) قبل أن يرفع رأسه.
وعن مؤمل بن إسماعيل قال: أقام سفيان بمكة سنة، فما فتر من العبادة سوى من بعد العصر إلى المغرب، كان يجلس مع أصحاب الحديث، وذلك عبادة.
وعن ابن مهدي: كنت لا أستطيع سماع قراءة سفيان من كثرة بكائه.
وقال مؤمل: دخلت على سفيان، وهو يأكل طباهج (4) ببيض، فكلمته في ذلك، فقال: لم آمركم أن لا تأكلوا طيبا، اكتسبوا طيبا وكلوا.
وقال أحمد بن يونس: أكلت عند سفيان خشكنانج (5)، فقال: هذا أهدي لنا. وقال عبد الرزاق: أكل سفيان مرة تمرا بزبد، ثم قام يصلي حتى زالت الشمس.
وقيل: إنه سار إلى اليمن بأربعة آلاف مضاربة (6)، فأنفق الربح.

(1) السكباج: لحم يطبخ بخل. (التاج).
(2) تقدمت رواية أخرى للخبر في الصفحة: 243.
(3) الأسبوع هنا: الطواف الكامل حول الكعبة مرة واحدة، فالمراد أنه طاف: سبعا.
(4) الطباهج: اللحم المشرح (معرب).
(5) الخشكنان: فسره داود الأنطاكي في " التذكرة " بأنه: دقيق الحنطة إذا عجن بشيرج، وبسط وملئ بالسكر واللوز والفستق وماء الورد، وجمع وخبز.
(6) المضاربة: أن تعطي إنسانا من مالك ما يتجر فيه، على أن يكون الربح بينكما، أو يكون له سهم معلوم من الربح، وكأنه مأخوذ من " الضرب " في الأرض لطلب الرزق. قال الله تعالى:
* (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) *. [المزمل: 20].
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»