سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٤٤٨
صبيانهم ودواجنهم، فاجتمعوا له، فخرجوا في طلبه، فهرب منهم، فتقطعوا عنه إلا صاحب فخار، فألح عليه، فوقف له الذئب، وقال: هؤلاء عذرتهم، أرأيتك أنت مالي ولك؟! والله ما كسرت لك فخارة قط. ثم قال: مالي وللماجشون والله ما كسرت له كبرا ولا بربطا (1).
روى الأصمعي عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كان الفقهاء بالمدينة يأتون عمر بن عبد العزيز، خلا سعيد بن المسيب، فإن عمر بن عبد العزيز كان يرضى أن يكون بينهما رسول، وأنا كنت الرسول بينهما.
وقال سليمان بن أبي شيخ: ولى عمر بن عبد العزيز أبا الزناد بيت مال الكوفة.
قال محمد بن سلام الجمحي: قيل لأبي الزناد: لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا؟ فقال: إنها وإن أدنتني منها، فقد صانتني عنها.
قال محمد بن سعد: كان أبو الزناد ثقة كثير الحديث، فصيحا بصيرا بالعربية، عالما عاقلا.
قال إبراهيم بن المنذر الحزامي: هو كان سبب جلد ربيعة الرأي، ثم ولي بعد ذلك المدينة فلان التيمي، فأرسل إلى أبي الزناد، فطين عليه بيتا، فشفع فيه ربيعة.
قلت: تؤول الشحناء بين القرناء إلى أعظم من هذا.
ولما رأى ربيعة أن أبا الزناد يهلك بسببه ما وسعه السكوت، فأخرجوا أبا الزناد، وقد عاين الموت وذبل، ومالت عنقه. نسأل الله السلامة.

(1) الكبر: طبل له وجه واحد، والبربط: العود أعجمي ليس من ملاهي العرب، أعربته حين سمعت به.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»