سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٤١
الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن، قال: هل قبضت منك شيئا؟ قال: لا، ثم نظر حيث وضعه، فمد يده فإذا بالصرة قد بنى العنكبوت عليها، فذهب بها إليهم.
وبه قال أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبو معمر، عن ابن عيينة قال: قال عمر بن عبد العزيز لطاووس: ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين يعني سليمان بن عبد الملك - قال: مالي إليه حاجة، فكأن عمر عجب من ذلك. قال سفيان: وحلف لنا إبراهيم بن ميسرة وهو مستقبل الكعبة: ورب هذه البنية (1) ما رأيت أحدا، الشريف والوضيع عنده بمنزلة، إلا طاووسا.
وبه حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس قال: كنت لا أزال أقول لأبي: إنه ينبغي أن يخرج على هذا السلطان، وأن يفعل به، قال: فخرجنا حجاجا، فنزلنا في بعض القرى، وفيها عامل - يعني لأمير اليمن - يقال له: ابن نجيح، وكان من أخبث عمالهم، فشهدنا صلاة الصبح في المسجد، فجاء ابن نجيح، فقعد بين يدي طاووس، فسلم عليه، فلم يجبه، ثم كلمه فأعرض عنه، ثم عدل إلى الشق الآخر، فأعرض عنه، فلما رأيت ما به قمت إليه، فمددت بيده وجعلت أسائله، وقلت له: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فقال العامل: بلى معرفته بي فعلت ما رأيت، قال: فمضى وهو ساكت لا يقول لي شيئا، فلما دخلت المنزل قال: أي لكع، بينما أنت زعمت تريد أن تخرج عليهم بسيفك، لم تستطع أن تحبس عنه لسانك.

(1) البنية: الكعبة لشرفها، إذ هي أشرف مبنى، يقال: لا ورب هذه البنية ما كان كذا وكذا، وقد كثر قسمهم برب هذه البنية.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»