أيضا له محمل حسن ولم يرد حصر المبتدأ بالخبر، ومثله: الحج عرفة.
فمعلوم أن الرجل لا يصير حاجا بمجرد الوقوف بعرفة، وإنما ذكر مهم الحج، ومهم النبوة، إذ أكمل صفات النبي العلم والعمل، ولا يكون أحد نبيا إلا أن يكون عالما عاملا. نعم، النبوة موهبة من الله تعالى لمن اصطفاه من أولي العلم والعمل لا حيلة للبشر في اكتسابها أبدا، وبها يتولد العلم النافع الصالح، ولا ريب أن إطلاق ما نقل عن أبي حاتم لا يسوغ، وذلك نفس فلسفي (1) ". ومن الأمثلة الطريفة أيضا مناقشة لمسألة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم - الكتابة، فقال في ترجمة الحافظ العلامة أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي المتوفى سنة 474 ه: " ولما تكلم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في البخاري قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه الفقيه أبو بكر ابن الصائغ وكفره بإجازة الكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي وأنه تكذيب بالقرآن، فتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام حتى أطلقوا عليه الفتنة وقبحوا عند العامة ما أتى به خطباؤهم في الجمع وقال شاعرهم:
برئت ممن شرى دنيا بآخرة * وقال: إن رسول الله قد كتبا وصنف أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في المعجزة فرجع بها جماعة.
قلت: ما كل من عرف أن يكتب اسمه فقط بخارج عن كونه أميا لأنه لا يسمى كاتبا. وجماعة من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحكم للغلبة لا للصورة النادرة، فقد قال عليه السلام: " إنا أمة أمية " أي أكثر هم كذلك لندور الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: [هو الذي بعث في