سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ١٠٥
بجميع رجال الطبقة السابقة مع إمكان التقائهم.
ومن أجل توضيح هذا الذي ذكرته عن نوعية المترجمين أشير إلى أنه من الممكن نظم جميع الرواة من الصحابة في طبقة واحدة، ولكن من الممكن تقسيم الصحابة إلى أكثر من طبقة حسب الرواية أيضا، لان الصحابي قد يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يروي عن الصحابي أيضا. ومن الممكن إذا ذكرنا كبار التابعين أن نجعلهم طبقة واحدة، ولكن التوسع في ذكر التابعين يقضي من أجل الدقة تقسيمهم إلى أكثر من طبقة، فكبار التابعين إنما هم الذين رووا عن كبار الصحابة، وصغار التابعين هم الذين رووا عن صغار الصحابة، لعدم لحاقهم بكبار الصحابة، فضلا عن أن بعض التابعين لم يرو عن غير التابعين، وهو أمر يعرفه أهل العناية بهذا الفن الجليل. وعليه فإن الذهبي لو أراد مثلا أن يؤلف كتابا في جميع القراء وليس في " الكبار " منهم لاضطره الامر إلى زيادة عدد الطبقات، وهم جرا. وبهذا يتضح أن كل مترجم إنما تتحدد طبقته حسب الكتاب المذكور فيه وأننا لا يمكن أن نجد توزيعا موحدا للمترجمين في جميع كتب الذهبي المرتبة على الطبقات فلا نستطيع القول: إن فلانا من أهل الطبقة الفلانية عند الذهبي، بل يصح القول: إنه من أهل الطبقة الفلانية في الكتاب الفلاني. فإذا كان الامر كذلك، فمن البداهة أن لا نجد تقسيما موحدا للطبقات عند المؤلفين المسلمين، فمكحول - مثلا - في الطبقة الثالثة من أهل الشام عند ابن سعد (1)، بينما هو في الطبقة الثانية عند خليفة (2)، وفي الطبقة الرابعة عند الذهبي في " التذكرة " (3)، وهو من أهل الطبقة الخامسة عند ابن حجر في

(١) الطبقات: ٧ / ٤٥٣ (٢) طبقات خليفة: ٣١٠ (ط. العمري) (3) التذكرة: 1 / 107
(مقدمة الكتاب ١٠٥)