الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٣٨
ومن أمانته - وهي صفة واضحة جدا في كتاباته -: أنه ينسب نقوله وفوائده إلى قائليها، إن كان نقله عنه مباشرة، ويسمي واسطته إن كان بالواسطة، ولا يتحرج.
1 " - فمن ذلك: قوله في ترجمة دحيبة: " ذكرها ابن حبان في الذال المعجمة - أي: ذحيبة - على ما قاله شيخي نور الدين الهيثمي في " ترتيبه للثقات ". فلم ينسب ذلك إلى " الثقات " مباشرة، متجاوزا الواسطة التي استفاد منها الفائدة، وفي حال كون ذلك صوابا يكون قد نسب الفضل إلى أهله، وإن كان غير ذلك يكون قد أبرا نفسه من العهدة.
2 " - وكتب حاشية على ترجمة يعلى بن أمية - أو: منية - رضي الله عنه، نقل فيها نقولا عديدة، عن المصنف، وابن الصلاح، والزبير بن بكار، وابن ماكولا، وابن عبد البر، والطبري، والمزي، وختمها بقوله:
" نقلت بعضه من كلام شيخنا العراقي، مراجعا ما عندي من المصنفات المذكورة ". فتأمل قوله: " نقلت بعضه " وتأس، وتذكر ما في " الجواهر والدرر " للسخاوي 1: 120: " صح عن سفيان الثوري أنه قال ما معناه: نسبة الفائدة إلى مفيدها من الصدق في العلم وشكره، وأن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره ". وقول الإمام ابن عبد البر رحمه الله في " جامع بيان العلم وفضله " 2: 89: " يقال: إن من بركة العلم أن تضيف الشئ إلى قائله ".
وقول الإمام النووي رحمه الله في " بستان العارفين " ص 28 - وهو يتكلم عن حديث " الدين النصيحة " -: " ومن النصيحة: أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها، فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله، ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له: فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه، ولا يبارك له في حاله. ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائليها. نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما ".
وكان رحمه الله يحتاط ويستوثق لنفسه حين يريد مناقشة المصنف في لفظة تحتمل الثبوت عنه وعدمه، فمن ذلك: أن الذهبي قال في ترجمة عبد الله بن زمعة القرشي: " أخو سودة أم المؤمنين " فعلق عليه أولا بأن هذا: " ليس بجيد، إنما أخوها عبد بن زمعة... " وأما عبد الله هذا فهو " ابن أخت أم سلمة أحد الأشراف ".
ثم قال: " ثم راجعت نسخة صحيحة مقروءة على ابن رافع تقي الدين فلم أر فيها: أخو سودة أم المؤمنين، وهذا الصواب ".
مع أنها ثابتة في الأصل، كما نبهت إليه، فحق الاستدراك على المصنف.
- ومن فوائده النادرة:
1 " - نقله في ترجمة سليمان بن صالح سلمويه عن العقيلي - بواسطة أبي علي الغساني - قوله: " كان عندهم ثقة "، وهي قائدة لم أرها في المتداول من كتب الجرح والتعديل.
2 " - ونقله توثيق صدقة بن بشير (2381) عن ابن ماكولا. وليس في التهذيبين شئ.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست