تدفعني إلى ذلك جملة دوافع:
1 إن ابن المهندس من أوائل الذين سمعوا الكتاب على مؤلفه، وأنه ابتدأ بنسخه منذ بدأ المزي يخرج المبيضة المعتمدة. وكان في وقت سماعه رجلا ناضجا عارفا بما يسمع.
2 كان ابن المهندس من العلماء الفضلاء الفهماء ذوي العلم الرصين، والدين المتين، والضبط والاتقان، شهد له بذلك جهابذة العلماء مثل البرزالي والذهبي وابن حجر وغيرهم.
3 ان نسخته كانت هي النسخة المعتمدة عند جماهير العلماء منذ عصر المؤلف.
4 وإنه كان ناسخا محترفا صاحب خط جيد يسير فيه على قواعد الخط المعروفة قلما يخرج عنها.
5 كان ابن المهندس يضيف ويعدل في نسخته بعض ما أضافه المزي أو عدله في نسخته الأصلية من إضافات أو تعديلات طفيفة حتى بعد الانتهاء من نسخها، وهو أمر نادر عند النساخ طيلة الأعصر، فمن ذلك مثلا أن المزي أضاف ترجمة جديدة إلى كتابه بعد الانتهاء من تبييضه وذلك في العاشر من جمادى الأولى سنة (713) هي ترجمة أحمد بن محمد بن هانئ أبي بكر الأثرم البغدادي الإسكافي، فنقلها ابن المهندس بورقة ملحقة في نسخته، ولم يكتف بذلك بل قرأها على المؤلف بعد ذلك بأربعة أيام فقط وكتب خطه في نهاية الورقة الملحقة بالسماع ونصه: " قرأت هذه الترجمة على مصنفها الشيخ الامام العالم الحافظ جمال الدين يوسف المزي أبقاه الله وسمعها ابنه محمد في يوم الخميس رابع عشر جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وسبع مئة، وكتب محمد ابن المهندس بدمشق ".