تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٤٦١
خلق من خلق الله، وإن أنت لم تجب، ليمتنعن خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل (1) إن لم يقتلك فإنك تموت، ولا بد من الموت فاتق الله، ولا تجبهم إلى شئ، فجعل أحمد يبكي وهو يقول: ما شاء الله ما شاء الله، قال: ثم قال لي أحمد: يا أبا جعفر: أعد علي ما قلت.
قال: فأعدت عليه، قال: فجعل يقول: ما شاء الله ما شاء الله.
وقال دعلج بن أحمد السجستاني: حدثنا أبو بكر السهروردي بمكة قال: رأيت أبا ذر بسهرورد وقد قدم مع واليها، وكان مقطعا بالبرص يعني وكان ممن ضرب أحمد بن حنبل بين يدي المعتصم قال: دعينا في تلك الليلة ونحن خمسون ومئة جلاد، فلما أن أمرنا بضربه كنا نعدو حتى نضربه ونمر، ثم يجئ الآخر على أثره، ثم يضرب.
وقال دعلج أيضا: حدثنا الخضر بن داود، أخبرني أبو بكر النجاحي (2) قال: لما كان في تلك الغداة التي ضرب فيها أحمد بن حنبل زلزلنا ونحن بعبادان.
وقال أحمد بن مروان الدينوري المالكي: حدثنا عبد الرحمان ابن محمد الحنفي قال: سمعت أبي يقول: كنت في الدار وقت أدخل أحمد بن حنبل وغيره من العلماء، فلما أن مد أحمد ليضرب بالسوط، دنا منه رجل وقال له: يا أبا عبد الله، أنا رسول خالد الحداد من الحبس يقول لك: أثبت على ما أنت عليه، وإياك أن تجزع من الضرب، واصبر فإني ضربت ألف حد في الشيطان، وأنت تضرب في الله.
وقال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي: دخلت إلى أحمد ابن حنبل ومحمد بن نوح وهما محبوسان بصور، فسألت محمد بن

(1) يعني الخليفة المأمون.
(2) في حاشية الأصل تعليق للمؤلف: " النجاحي اسمه يوسف بن يعقوب ".
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»