أسد الغابة - ابن الأثير - ج ٢ - الصفحة ٥
فجعل يهجوهم فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا هذا شعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة فمن قول حسان في أبى سفيان بن الحارث وان سنام المجد من آل هاشم * بنو بنت مخزوم ووالدك العبد ومن ولدت أبناء زهرة منهم * كرام ولم يقرب عجائزك المجد ولست كعباس ولا كابن أمه * ولكن لئيم لا تقام له زند وان امرأ كانت سمية أمه * وسمراء مغمور إذا بلغ الجهد فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان قال هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وهي أم أبى طالب وعبد الله والزبير بنى عبد المطلب وبقوله ومن ولدت أبناء زهرة منهم يعني حمزة وصفية أمهما هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وبقوله عباس وابن أمه هو ضرار بن عبد المطلب أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط وسمية أم أبى سفيان وسمراء أم أبيه الحارث قال ابن سيرين انتدب لهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين من ذكرنا وغيرهم وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار حسان وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة فكان حسان وكعب يعارضانهم مثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر ويذكرون مثالبهم وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع فكان قوله أهون القول عليهم وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم فلما أسلموا وفقهوا كان قول عبد الله أشد القول عليهم ونهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن انشاد شئ من مناقصة الأنصار ومشركي قريش وقال في ذلك شتم الحي والميت وتجديد الضغائن وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الاسلام وقال ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال فضل حسان الشعراء بثلاث كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة وشاعر اليمن كلها في الاسلام وقال أبو عبيدة أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف وعلى ان أشعر أهل المدر حسان وقال الأصمعي الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل فإذا دخل في الخير يضعف لان هذا حسان كان من فحول الشعراء في الجاهلية فلما جاء الاسلام سقط شعره وقيل لحسان لان شعرك وهرم يا أبا الحسام فقال للسائل يا ابن أخي ان الاسلام يحجز عن الكذب يعنى ان الإجادة في الشعر هو الافراط في الذي يقوله وهو كذب يمنع
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»