الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني جرير بن أحمد بن أبي داود (1) أبو مالك حدثني سلمويه بن عاصم قاضي هجر وقد قضى بالجزيرة والشام قال كتب بشر بن غياث (2) المريسي ويكنى أبا عبد الرحمن إلى منصور بن عمار بلغني اجتماع الناس عليك وما حكي من العلم فأخبرني عن القرآن خالق أو مخلوق فكتب إليه منصور بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك من كل فتنة فإنه إن يفعل فأعظم بها نعمة وإن لم يفعل فتلك أسباب الهلكة وليست لأحد على الله بعد المرسلين حجة نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه وما أعلم خالقا إلا الله وما دون الله مخلوق والقرآن كلام الله ولو كان القرآن خالقا لم يكن للذين وعوه إلى الله شافعا ولا بالذين ضيعوه ماحلا فانته بنفسك وبالمختلفين بالقرآن إلى أسمائه التي سماه الله بها تكن من المهتدين " وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " (3) ولا تسم القرآن باسم من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإياك من " الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون " (4) وكتب بشر أيضا إلى منصور يسأله عن قول الله عز وجل " الرحمن على العرش استوى " (5) كيف استوى فكتب إليه منصور استواؤه غير محدود والجواب فيه تكلف ومسألتك عن ذلك بدعة والإيمان بجملة ذلك واجب قال الله تعالى " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله " (6) وحده ثم استأنف الكلام فقال " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب " (7) فنسبهم إلى الرسوخ في العلم بأن قالوا لما تشابه منه عليهم " آمنا به كل من عند ربنا " فهؤلاء هم الذين أغناهم الرسوخ في العلم عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب بما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح اعترافهم بالعجز عن تأول ما لم يحيطوا به علما وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم رسوخا في العلم فانته رحمك الله من
(٣٣٨)