أخبرنا أبو الحسن بن قبيس نا وأبو منصور بن خيرون أنا أبو بكر الخطيب (1) قال قرأت في كتاب محمد بن عبد الملك التاريخي بخطه حدثني الحسين بن محمد بن الفهم (2) نا علي بن الجعد نا عبد الأعلى بن أبي المساور قال دخلت الديوان في خلافة المهدي وأبو عبيد الله جالس في صدر الديوان فسلمت فرد علي وما يهش إلي ولا حفل بي فجلست إلى بعض كتابه فقلت حدثنا الشعبي فسمعني أبو عبيد الله فقال لي رأيت الشعبي فقلت نعم ورأيت أبا بردة بن أبي موسى وهو خير من الشعبي فقال ارتفع ارتفع كتمتنا نفسك حتى كدت أن تلحقنا ذما لا ترخصه المعاذير ثم أقبل علي واشتغل بي حتى فرغت من حاجتي وانصرفت بشكره قرأت في كتاب الوزراء لأبي بكر الصولي نا عون بن محمد نا محمد بن إسماعيل نا عمران بن شهاب الكاتب قال استعنت على أبي عبيد الله في أمر ببعض إخوته فلما قام قال لي لولا أن حقك حق لا يحد (3) ولا يضاع لحجبت عنك حسن نظري أظننتني أجهل الإحسان حتى أعلمه ولا أعرف موضع المعروف حتى أعرفه لو كان لا ينال ما عندي إلا بغيري لكنت بمنزلة البعير الذلول عليه الحمل الثقيل إن قيد انقاد وإن أنيخ برك لا يملك من نفسه شيئا فقلت معرفتك بمواقع الصنائع أثبت من معرفة غيرك ولم أجعل فلانا شفيعا إنما جعلته مذكرا فقال لي فأي (4) اذكار (5) لمن رعى حقك أبلغ من تسليمك عليه ومصيرك إليه إنه متى لم يتصفح المأمول أسماء مؤمليه بقلبه غدوا ورواحا لم يكن للأمل محلا (6) وجرى القدر لمؤمليه على يديه بما قدر وهو غير محمود على ذلك ولا مشكور وما لي إمام أدرسه بعد وردي من القرآن إلا أسماء رجال التأميل لي وما أبيت ليلة حتى أعرضهم على قلبي ولا تستعن على شريف إلا بشرفه فإنه يرى ذاك عنيا لمعروفه قال الصولي ومن شعر أبي عبيد الله لله دهر أضعنا فيه أنفسنا * بالجهل لو أنه بعد النهى عادا
(٢٥٤)