فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " حتى بلغ " بعصم الكوافر " (1) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية ثم رجع إلى (2) المدينة فجاءه أبو بصير (3) رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة (4) فجعلا يأكلان من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيدا فاستله الآخر فقال أجل إنه لجيد والله جربت به ثم جربت به فقال أبو بصير أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الآخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين رآه لقد رآى هذا أمرا فلما انتهى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قتل والله صاحبي وإني لمقتول قال فجاءه أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم قال النبي (صلى الله عليه وسلم) ويل أمة مسعر حرب لو كان له أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر (5) قال وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل إلا قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى تجمعت منهم عصابة قال فوالله ما يسمعون بعير يخرج لقريش إلى الشام إلا اعترضوها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) تسأل بالله وبالرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن فأرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) إليهم فأنزل الله عز وجل " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم " حتى بلغ " حمية الجاهلية (6) " وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينه وبين البيت
(٢٣٠)