أخرجه أمير المؤمنين ليوليه قضاء المدينة والزبيري أصدق الناس لي فقلت ادعه حتى ينزل ويستقر ثم آته فأتيته بعد أن استراح وفرغ من غدائه فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت عليه فقال لي أبا عبد الله ماذا صنعت في غيبتك فأخبرته بخبري وخبر أبي البختري فقال لي أما علمت أن أبا (1) البختري لا يحب أن يذكرك لأحد ولا ينبه باسمك فما الرأي فقلت الرأي أن أصير إلى المدينة فقال هذا رأي خطأ خرجت من المدينة على ما قد علمت ولكن الرأي (2) أن تصير معي فأنا الذاكر ليحيى أمرك فركبت مع القوم حتى صرت إلى الرقة فلما عبرنا الجواز قال لي تصير معنا فقلت لا أصير إلى أصحابي وأنا مبكر (3) عليك غدا نصير جميعا إلى باب يحيى بن خالد إن شاء الله فدخلت على أصحابي فكأني وقعت عليهم من السماء ثم قالوا لي أبا عبد الله ما كان خبرك فقد كنا في غم من أمرك فخبرتهم بخبري فأشار علي القوم بلزوم الزبيري وقالوا هذا طعامك وشرابك لا تهتم به فغدوت بالغداة إلى باب الزبيري فخبرت بأنه قد ركب إلى باب يحيى بن خالد فأتيت باب يحيى بن خالد فقعت مليا فإذا صاحبي قد خرج فقال لي أبا عبد الله أنسيت أن أذاكره أمرك ولكن قف بالباب حتى أعود فدخل ثم خرج إلى الحاجب فقال لي (4) ادخل فدخلت عليه في حالة خسيسة وذلك في شهر رمضان وقد بقي من الشهر ثلاثة أيام أو أربعة فلما رآني يحيى في تلك الحال رأيت أثر الغم في وجهه وسلم علي وقرب مجلسي وعنده قوم يحادثونه فجعل يذاكرني الحديث بعد الحديث فانقطعت عن إجابته وجعلت أجئ بالشئ ليس بالموافق لما يسأل وجعل القوم يجيبون بأحسن الجواب وأنا ساكت فلما انقضى المجلس وخرج القوم خرجت فإذا خادم ليحيى قد خرج فلقيني عند الستر (5) فقال لي إن الوزير يأمرك أن تفطر عنده العشية فلما صرت إلى أصحابي حدثتهم بالقصة وقلت أخاف أن يكون غلط بي فقال لي بعضهم هذا رغيفين (6) وقطعة جبن وهذه دابتي تركب والغلام خلفك فإن أذن لك الحاجب بالدخول دخلت ودفعت ما معك إلى الغلام وإن تكن الأخرى صرت إلى بعض المساجد فأكلت ما
(٤٦٢)