الملك تسمع بالمعيدي لا أن تراه (1) فقال مهلا يا أمير المؤمنين فإنما المرء بأصغريه:
قلبه ولسانه إن نطق نطق ببيان وإن قال (2) قال بجنان وأنا الذي أقول يا أمير المؤمنين (3):
وجربت الأمور وجربتني * وقد أبدت عريكتي الأمور وما يخفى الرجال علي إني * بهم لأخو مثاقبة خبير ترى الرجل النحيف فتزدريه * وفي أثوابه أسد يزير (4) ويعجبك الطرير فتختبره * فيخلف ظنك الرجل الطرير وما عظم الرجال لها (5) بزين * ولكن زينها كرم وخير بغاث الطير أطولها جسوما * ولم تطل البزاة ولا الصقور وقد عظم البعير بغير لب * فلم يستغن بالعظم البعير فيركب ثم يضرب بالهراوي * فلا عرف لديه ولا نكير وعود النبع ينبت مستمرا * وليس يطول والقصباء خور أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده أنبأنا محمد بن الحسين أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (6) حدثنا الحسن بن علي بن المرزبان النحوي حدثنا عبد الله بن هارون النحوي أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدينوري أخبرني نصر بن منصور عن العتبي قال كان عبد الملك بن مروان يحب النظر إلى كثير إذ دخل عليه آذنه يوما فقال يا أمير المؤمنين هذا كثير بالباب فاستبشر عبد الملك وقال أدخله يا غلام فدخل كثير وكان دميما حقيرا تزدريه العين فسلم بالخلافة فقال عبد الملك تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال كثير مهلا يا أمير المؤمنين فإنما المرء بأصغريه قال القاضي العرب تقول تسمع بالمعيدي لا أن تراه وأن تسمع بالمعيدي خير من