غشيهم معاوية بن حديج حين خرج إليهم من ناحية الصعيد فقال إن كنتم تريدون نصرة بني مدلح فألصقوا برحالهم عند حلولكم بهم ففعلوا ذلك فقالت بنو مدلج تزحزحوا عنا فإن أيدينا مع أيديكم فأبوا عليهم ثم انهم ساروا إلى أنطابلس (1) قال وقدم معاوية بن أبي سفيان في سنة ست وثلاثين فنزل عين شمس وكان على مجنبة محمد بن أبي حذيفة أبو عريب البلوي وعلى اليسرى عزيز بن فارع الأصبحي فمنعوا معاوية وأصحابه أن يدخلوا الفسطاط فلما رأى معاوية أنه لا يستطيع الدخول كتب إلى محمد بن أبي حذيفة إنا لا نريد قتال أحد من المسلمين إنما جئنا نسأل القود بعثمان ادفعوا إلينا قاتله ابن عديس وكنانة بن بشر وهما رأس القوم وأمر معاوية عمرا أن يكتب إلى ابن أبي حذيفة بمثل (2) ذلك فكتب عمرو فكتب محمد بن أبي حذيفة إني لم أكن لأقيد بعثمان جديا أرطب السرة وأمر بصحيفة أخرى فطويت ليس في جوفها شئ وكتب عنوانها من محمد بن أبي حذيفة إلى عمرو بن العاص فلما فضها عمرو بن العاص لم ير فيها شيئا فقال له معاوية ما كتب إليك ابن أبي حذيفة قال زعم أني لست شيئا سيعلم أينا يدحض في بول أمه فقال معاوية لابن أبي حذيفة اجعلوا بيننا وبينكم رهنا منا ومنكم لا يكون بيننا وبينكم حرب حتى يستخلف الله ويجمع الأمة على من يشاء فقال ابن أبي حذيفة فإني أرضى بذلك على أني أستخلف على جدني وانطلق مع الرهن وكان ذلك منه جبنا فقال معاوية عند ذلك واغتنم قول ابن أبي حذيفة فمن تستخلف قال أستخلف أمية بن شييم قال معاوية كلا قال فإذ كرهت فإني أستخلف الحكم بن الصلت فقال معاوية نعم فانطلق ابن أبي حذيفة مع معاوية حتى دخل بهم الشام ففرقهم نصفين فسجن ابن أبي حذيفة ومن معه في سجن دمشق وسجن ابن عديس والنصف الثاني في سجن بعلبك قال فبينا معاوية في مسيره ذلك جاءه بريد فأخبره أن قيس بن عدي اللخمي ثم الراشدي صاحب مصر قد أغار على خيل حتى بلغ فلسطين ثم جاءه آخر فأخبره أن محمد بن أبي حذيفة قد خرج من السجن ثم جاءه آخر فأخبره أن ابن عديس وأصحابه قد خرجوا من السجن فكان رأس القوم بعد ابن أبي حذيفة عبد الرحمن بن عديس وكنانة بن بشر ثم جاءه بريد آخر فأخبره أن ابن هرقل قد نزل الدرب ثم جاءه بريد آخر فأخبره أن علي بن أبي طالب قد شارق جاءته
(٢٥٩)