ولا لي بالهجر اعتلاء إذا بدا * كما أنتما بالبين معتليان قال فنزل الرجل وحط رحله حتى جاء إخوتها (1) فأخبرهما الخبر وكانا مهتمين بكعب وذلك أنه كان ابن عمهم وكان ظريفا شاعرا فأكرموا الرجل ودلوه على الطريق وخرجوا فطلبوا كعبا بالشام فوجدوه فأقبلوا به حتى إذا صار إلى بلدهم نزل كعب في بيت ناحية من الحي فرأى ناسا قد اجتمعوا عند البيوت فقال كعب لغلام قائم وكان قد ترك بنيا له صغيرا يا غلام من أبوك قال أبي كعب قال فعلام يجتمعون (2) هؤلاء الناس وأحس فؤاد كعب بشر قال يجتمعون على خالتي ميلاء ماتت الساعة قال فزفر زفرة خر منها ميتا فدفن إلى جانب قبرها قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب قال (3) قال عبد الله بن أبي سعد الوراق فيما أخبرني به حبيب بن نصر المهلبي إجازة عنه حدثني علي بن الصباح بن الفرات أخبرني علي بن الحسن بن أيوب النبيل عن رباح بن قطيب بن زيد الأسدي قال كانت عند رجل من بني قيس يقال له كعب بنت عم له وكانت أحب الناس إليه فخلا بها ذات يوم فنظر إليها وهي واضعة ثيابها فقال يا أم عمرو هل ترين أن الله خلق أحسن منك قالت نعم أختي ميلاء هي أحسن مني قال فإني أحب أن أنظر إليها فقالت إن علمت بك لم تخرج ولكن كن من وراء الستر ففعل وأرسلت إليها وجاءتها فلما نظر إليها عشقها وانتظرها حتى روحت (4) إلى أهلها فعارضها فشكا إليها حبها فقالت والله يا بن عم ما وجدت من شئ إلا وقد وقع لك في قلبي (5) أكبر منه وعادت مرة أخرى فأتتها أم عمرو وهما لا يعلمان فرأتهما جالسين فمضت إلى إخوتها وكانوا سبعة فقالت إما أن تزوجوا ميلاء كعبا وأما أن تكفوني أمرها وبلغه (6) الخبر ووقوف إخوتها على ذلك فرمى بنفسه نحو الشام حياء منهم وكان منزله ومنزل أهله الحجاز فلم يدر أهله ولا بنو عمه أين ذهب فقال كعب:
أفي كل يوم أنت من لاعج الهوى * إلى الشم من أعلام ميلاء ناظر