ولا تكن يا بني ممن يعجب باليقين من نفسه فيما ذهب وينسى اليقين فيما رجا وطلب يقول فيما ذهب لو قدر شئ كان ويقول فيما بقي اتبع أيها الإنسان شاخصا غير مطمئن لا يثق من الرزق بما قد يضمن لا تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستقين يتمنى المغفرة ويعمل في المعصية كأن في أول عمره في غفلة وغرة ثم أبقى وأقيل العثرة فإذا هو في آخره كسل وفترة طال عليه الأمل فافتتن وطال عليه الأبد فاغتر واعتذر إليه فما عمر وليس فيما عمر بمعذر عمر فيما يتذكر فيه من تذكر فهو من الذنب والنعمة موقر إن أعطي لم يشكر وإن منع قال لم يقدر أساء العبد واستكبر الله أحق أن يشكر وهو أحق أن لا يعذر يتكلف ما لم يؤمر ويضع ما هو أكبر يسأل الكثير وينفق اليسير أعطي ما يكفي ومنع ما يلهي فليس يرى شيئا يغني إلا غناء يطغي يعجز عن شكر ما أعطي ويبتغي الزيادة فيما بقي يستبطئ نفسه في شكر ما أوتي وينسى ما عليه من الشكر فيما وفي ينهى ولا ينتهي ويأمر ولا يأتي يهلك في بعضه ولا يقصد في تحبه يغره من نفسه حبه ما ليس عنده وبغضه على ما عنده مثله يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ويبغض المسيئين وهو أحدهم يرجو الأجر في البغض على ظنه ولا يخشى المقت في اليقين من نفسه لا يقدر من الدنيا على ما يهوى ولا يخيل من الآخرة على ما يبقى إن عوفي حسب أنه قد تاب وإن ابتلى عاد إن عرضت له شهوة قال يكفيك العمل فواقع وإن عرض له عمل كسل وقال يكفيك الورع لا تذهب مخافته الكسل ولا تبعثه رغبته على العمل مرض ولا يخشى أن بمرض ثم يؤجر وهو يخشى أن يغرض ثم لا يسعى فيما زعم أن ما تكفل له من الرزق يشغل مما فرغ له من العمل يخشى الخلق في ربه ولا يخشى الرب في خلقه يعوذ بالله من هو فوقه ولا يريد أن يعيذ الله ممن تحته يخشى الموت ولا يرجو الفوت ثم يأمن ما يخشى وقد أيقن به ولا يأيس مما يرجوه وقد أيس منه يرجو أنفع علم لا يعمل به ويأمن ضر جهل قد أيقن به يسخر بمن تحته من الخلق وينسى ما عليه فيه من الحق من أن يكون مثلهم كأن النقص لم يصبه معهم
(٨٠)