فقلبه فرق وماؤه سرق * ودمعه عسق من شدة الكمد لنسوة رغب أولادها سغب * كأفرخ زغب حلوا على ضمد رام الرحيل فداروا حول شيخهم * يسترجعون له أن خاض في البلد ينعي أصيبية فقدان والدهم * ووالد واضع كفا على كبد قالوا يا أبانا إذا ما غبت كيف لنا * بمثل والدنا في القرب والبعد قد كنت ترضعنا إن درة نكأت * عنا وتكلؤنا بالروح والجسد فغرغر الشيخ في عينيه عبرته * أنفاسه من سخين الوجد في صعد وقال يودع صبيانا ونسوته * أوصيكم باتقاء الله يا ولدي فإن أعش فإياب من حلوبتكم * أو مت فاعتصموا بالواحد الصمد * قال عبد الله بن محمد أربعة أبيات من هذا الشعر أنشدنيها أبي قال فبكى معاوية بكاء شديدا وأمر له بثلاثمائة ألف وكسى وعروض وحمله فوافى الطائف لعشرة أيام من دمشق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل أنا عبد الغافر بن محمد أنا أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم قال في حديث معاوية أن عمرو بن مسعود دخل عليه وقد أسن وطال عمره فقال له معاوية كيف أنت وكيف حالك فقال ما تسأل يا أمير عن من ذبلت بشرته وقطعت ثمرته وكثر أن يحب ما يقل وصعب منه ما يحب أن يذل وسحلت مريرته بالنقض وأجم النساء وكن الشقاء وقل انحياشه وكثر ارتعاشه فنومه سبات وليله هبات وسمعه خفات وفهمه تارات أخبرنا ابن الأعرابي وابن الربيعي (1) ودخل حديث أحدهما في الآخر قال ابن الأعرابي حدثنا ابن أبي الدنيا نا (2) محمد بن باد بن موسى نا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثني رجل من بني سليم وقال ابن الربيعي (1) حدثني أبي عن جدي عن هشام بن محمد عن أبيه عن رجل من قريش قوله ذبلت بشرته أي قل ماؤها وذهبت نضارتها والبشرة ما يباشره البصر من ظاهر بدن
(٣٥٩)