قال عبد الله بن قرط ودنا القوم من الروم فحملوا حملة منكرة فرقت بيني وبين أصحابي فانتهيت إلى عمرو بن سعيد قال فقلت في نفسي ما أنا بواجد اليوم في هذا العسكر رجلا أقدم صحبة ولا أقرب من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرابة من هذا الرجل فدنوت منه ومعي رمحي وقد أحاطت به من العدو جماعة فحملت عليهم فأصرع منهم واحدا ثم أقبلت إليه وأقف معه ثم قلت له يا ابن أبي (2) أحيحة أتعرفني قال نعم ألست أخا ثقيف فقلت له لم تبعد من الإخوان والجيران والحلفاء وأنا أخو ثمالة أنا عبد الله بن قرط قال مرحبا بك أنت أخي في الإسلام وأقرب نسبا والله لئن استشهدت لأشفعن لك قال فنظرت فإذا هو مضروب على حاجبه بالسيف وإذا الدماء قد ملأت عينيه وإذا هو لا يستطيع أن يطرف ولا يستطيع أن يفتح عينيه من الدم قال فقلت أبشر بخير فإن الله معافيك من هذه الضربة ومنزل النصر على المسلمين قال أما النصر على أهل الإسلام فأنزله الله فعجل (2) وأما أنا فجعل (3) الله لي هذه الضربة شهادة وأهدى إلي بأخرى مثلها فوالله ما أحب أنها بعرض أبي قبيس والله لولا أن (4) قتلي يكسر بعض من ترى حولي (5) لأقدمت على هذا العدو حتى ترى يا ابن أخي أن ثواب الشهادة عظيم وأن الدنيا دار لا يسلم فيها قال عبد الله فما كان بأسرع أن شدت علينا منهم جماعة فمشى إليهم بسيفه فضاربهم ساعة وانكشف الغبار قال فشددنا عليهم وصرعنا منهم ثلاثة وإذا نحن بصاحبنا صريع وقد قتل (6) وبه أكثر من ثلاثين ضربة مما رأوا من شدة قتاله إياهم فحنقوا عليه فأخذوه يجزعونه بأسيافهم قالوا وقال معاذ بن جبل حين حضر القتال يا أهل الإسلام إن هذا اليوم له ما بعده غضوا أبصاركم وقدموا أقدامكم على عدوكم ولا تفارقوا ذراريكم ولا تزولوا عن مصافكم والعدو منهزمون وسوقوهم سوقا ولا تشاغلوا عنهم بغنائمهم ولا بما في
(٢٦)