فاعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم وأكثروا ذكر الموت وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم فإنه هادم اللذات وإن من لا يذكر من آبائه فيما بينه وبين آدم أبا لمعرق له في الموت وإن هذه الأمة لا تختلف في ربها عز وجل ولا في نبيها (صلى الله عليه وسلم) ولا في كتابها إنما اختلفوا في الدينار والدرهم وإني والله لا أعطي أحدا باطلا ولا أمنع أحدا حقا ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال يا أيها الناس من أطاع الله فقد وجبت طاعته ومن عصى الله فلا طاعة له أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ثم نزل فدخل فأمر بالستور فهتكت والثياب التي كانت تبسط للخلفاء فحملت وأمر ببيعها وإدخال أثمانها في بيت مال المسلمين ثم ذهب يتبوأ مقيلا فأتاه ابنه عبد الملك بن عمر فقال يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع قال أي بني أقيل قال تقيل ولا ترد المظالم قال أي بني قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان فإذا صليت الظهر رددت (1) المظالم قال يا أمير المؤمنين من لك أن تعيش إلى الظهر قال ادن مني أي بني فدنا منه فالتزمه وقبل بين عينيه وقال الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني فخرج ولم يقل وأمر مناديه أن ينادي ألا من كانت له مظلم فليرفعها فقام إليه رجل ذمي من أهل حمص أبيض الرأس واللحية فقال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله قال وما ذاك قال العباس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي والعباس جالس فقال إ له يا عباس ما تقول قال أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك وكتب لي بها سجلا فقال عمر ما تقول يا ذمي قال يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله عز وجل فقال عمر كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد بن عبد الملك قم فاردد عليه يا عباس ضيعته فرد عليه فجعل لا يدع شيئا مما كان في يديه وفي يد أهل بيته من المظالم إلا ردها مظلمة مظلمة
(٣٥٨)