كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز حمد الله وأثنى عليه قال أيها الناس أما فإنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا (1) ينزل الله فيه للحكم فيكم والفصل بينكم فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم (2) وخافة وباع نافذا بباق وقليلا بكثير وخوفا بأمان ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وستكون من بعدكم للباقين كذلك حتى يرد إلى خير الوارثين ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل قد قضى نحبه حتى يغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع غير موسد ولا ممهد قد فارق الأحباب وباشر التراب وواجه الحساب فهو مرتهن بعمله غني عما ترك فقير إلى ما قدم فاتقوا الله قبل انقضاء مراقبته ونزول الموت بكم أما إني أقول هذا ثم رفع طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله أخبرنا أبو محمد بن طاوس أنا جعفر بن أحمد السراج أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي (3) نا ابن أبي الدنيا نا أبو (4) عبد الرحمن النحوي عبد الله بن محمد بن هانئ النيسابوري أنا مرحوم بن عبد العزيز بن القعقاع بن غيلان قال خطب عمر بن عبد العزيز فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا يجمعكم الله فيه للحكم فيكم والفصل فيما بينكم فخاب وشقي عبدا أخرجه (5) الله من رحمته التي وسعت كل شئ وجنته التي عرضها السماوات والأرض وإنما يكون الأمان غدا لمن خاف الله واتقى وباع قليلا بكثير وفانيا (6) بباق وشقوة بسعادة ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيخلف بعدكم الباقون ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله قد قضى نحبه وانقطع أمله فتضعونه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد خلع الأسباب (7) وفارق الأحباب وواجه
(١٧٣)