لقيني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة قبل الهجرة فدعاني إلى الإسلام فقلت يا محمد العجب لك حيث تطمع أن أتبعك وقد خالفت دين قومك وجئت بدين محدث ففرقت جماعتهم وإلفتهم وأذهبت بهاءهم فانصرف وكنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس فأقبل يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فغلظت عليه ونلت منه وحلم عني ثم قال يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت [* * * *] فقلت لقد أهلكت قريش يومئذ وذلت فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل عمرت وعزت يومئذ [* * * *] ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني موقعا ظننت يومئذ أن الأمر سيصير إلى ما قال فأردت الإسلام ومقاربة محمد فإذا قومي يزبرونني (1) زبرا شديدا ويزرون برأيي فأمسكت عن ذكره فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة جعلت قريش تشفق من رجوعه عليها فهم على ما هم عليه حتى جاء النفير إلى بدر فخرجت فيمن خرج من قومنا وشهدت المشاهد كلها معهم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة عام القضية غير الله قلبي عما كان عليه ودخلني الإسلام وجعلت أفكر فيما نحن عليه وما نعبد من حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر وأنظر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه وظلف (2) أنفسهم عن الدنيا فيقع ذلك مني فأقول ما عمل القوم إلا على الثواب لما يكون بعد الموت وجعلت أحب النظر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أن رأيته خارجا من باب بني شيبة يريد منزله بالأبطح فأردت أن آتيه وآخذ بيده وأسلم عليه فلم يعزم لي على ذلك وانصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) راجعا إلى المدينة ثم عزم لي على الخروج إليه فأدلجت إلى بطن يأجج (3) فألقى خالد بن الوليد فاصطحبنا حتى نزلنا الهدة (4) فما شعرنا إلا بعمرو بن العاص فانقمعنا منه وانقمع منا ثم قال أين يريد الرجلان فأخبرناه فقال وأنا أريد الذي تريدان فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبايعته على الإسلام وأقمت معه حتى خرجت معه في غزوة الفتح ودخل مكة فقال لي يا عثمان ائت بالمفتاح [* * * *] فأتيته به فأخذه مني ثم دفعه إلي مضطبعا عليه بثوبه وقال خذها تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف [* * * *] قال عثمان فلما وليت ناداني إليه فقال ألم يكن الذي قلت لك [* * * *] قال فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث
(٣٨٣)