عثمان بن الخطاب بن عبد الله (1) البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها رندة (2) وهو المعمر ويعرف بأبي الدنيا يقول ولدت في أول خلافة أبي بكر الصديق فلما كان في زمن علي بن أبي طالب خرجت أنا وأبي نريد لقاءه فلما صرنا قريبا من الكوفة أو من الأرض التي هو فيها لحقنا عطش شديد في طريقنا أشفانا منه على الهلكة وكان أبي شيخنا (3) كبيرا فقلت له اجلس حتى أدور أنا الصحراء أو البرية فعلي أقدر على ماء أو من يدلني على ماء أو ماء المطر فجلس ومضيت أطلب فلما كنت منه غير بعيد لاح لي ما قصدت إليه فإذا أنا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية (4) أو الوادي من مائها فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت ثم قلت أمضي فأجئ بأبي فهو غير بعيد فجئت إليه فقلت له قم فقد فرج الله وهذه عين من ماء قريب منا فقام ومضينا نحو العين والماء فلم نر (5) شيئا فدرنا نطلب فلم نقدر (6) على شئ وأجهد أبي جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات فاحتلت حتى واريته ثم جئت حتى لقيت أمير المؤمنين عليا وهو خارج إلى صفين وقد أسرجت له بغلة فمسكت بالركاب ليركب وانكببت أقبل فخذه فنفحني بالركاب فشجني في وجهي شجة قال المفيد ورأيت الشجة في وجهه واضحة قال ثم سألني عن خبري فأخبرته بقصتي وقصة (7) أبي وقصة العين فقال هذه عين لم يشرب منها أحد إلا عمر عمرا طويلا وابشر فإنك معمر (8) ما كنت لتجدها بعد شربك منها قال المفيد ثم سألناه فحدثنا عن علي بن أبي طالب بأحاديث ثم لم أزل أتبعه في الأوقات وألح عليه حتى يملي علي (9) حديثا بعد حديث ثم أعود حتى جمعت عنه خمسة عشرة حديثا لم يجتمع عنه لغيري لتتبعي له وإلحاحي عليه وكان معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه فقالوا هو مشهور عندنا بطول العمر حدثنا بذاك آباؤنا عن
(٣٥٢)