وشربك ونومك وشهوتك للباه (1) قال أما قيام فإن قمت فإن السماء تبعد وإن قعدت فالأرض تقرب وأما أكلي وشربي فإني إن جعت كلبت وإن شبعت بهرت (2) وأما نومي فإن حضرت مجلسا حالفني وإن خلوت أطلب فارقني وأما الباءة فإن بذل لي عجزت فإن منعته غضبت قال معاوية فأخبرني عن أعجب شئ رأيته أني نزلت بحي من قضاعة فخرجوا بجنازة رجل من عذرة يقال له حريث بن جبلة فخرجت معهم حتى إذا واروه (3) انكبدت (4) جانبا عن القوم وعيناي تذرفان ثم تمثلت بأبيات شعر كنت رويتها قبل ذلك (5) * يا قلب إنك في أسماء مغرور * أذكر وهل ينفعك (6) اليوم تذكير قد بحت بالحب ما نخفيه من أحد * حتى (7) جرت بك اطلاقا محاضير تبغي أمورا فما تدري أعاجلها * خير لنفسك أم ما فيه تأخير فاستقدر الله خيرا وارضين به * فبينما العسر إذ دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبطا * إذ صار في الرمس (8) تعفوه الأعاصير حتى كأن لم يكن إلا تدكره * والدهر أيتما حال دهارير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه * وذو قرابته في الحي مسرور وذاك آخر عهد من أخيك إذا * ما المرء ضمنه اللحد الخناشير * الواحد خنشير والجمع خناشير (9) وهم الذين يتبعون الجنازة فقال رجل إلى جانبي يسمع (10) ما أقول يا عبد الله من قائل هذه الأبيات قلت والذي أحلف به ما أدري قد رويتها منذ زمان قال قائلها الذي دفنا آنفا وإن هذا ذو قرابته أسر الناس بموته وإنك للغريب الذي وصف يبكي عليه (11) فعجبت لما ذكر في شعره (12)
(٢٠٤)