شال حاجبيه عن عينيه (1) ثم نظر إلي وقال وأبي ما هذه خلقة قرشي ولا شمائله ولا هو إلا عبد ثم بادر إلى بيته وعلمت أنه يريد شرا فركبت الفرس ثم مضيت ولحقني فرماني بسهم فما أخطأ قربوس السرج وما شككت في أنه ملحقي بآخر يقتلني فسلحت يعلم الله في ثيابي ولوثتها ونفذ إلى الحلة فصيرتها شهرة وأتيت رحل زيد بن عمر فجلست أغسل الحلة وأجففها وأقبل زيد بن عمر فرأى ما لحق الحلة والسرج فقال لي ما القصة ويلك فقلت له يا سيدي الصدق أنجى وحدثته بالحديث فاغتاظ ثم قال لم يكفك أن تلبس حلتي وتصنع بها ما صنعت وتركب فرسي وتجلس النساء حتى انتسبت بنسبي وفضحتني وجعلتني عند العرب ولاجا (2) جماشا (3) وجرى عليك ذل نسب إلي أنا نفي من أبي ومنسوب إلى أبيك إن لم أسوءك وأبالغ في ذلك ثم لقي الخليفة وعاد ودخلنا إلى سكينة فسألته عن خبره كله فخبرها حتى انتهت إلى ذكر جواريه فقالت إيه وما كان خبرك في طريقك هل مضيت إلى جواريك بالطائف فقال لها لا أدري سلي ثقتك فدعت بي وسألتني وبدأت فحلفت لها بكل يمين محرجة أنه ما مر بالطائف ولا دخلها ولا فارقني فقال لها اليمين التي حلف بها لازمة لي إن لم أكن دخلت الطائف وبت عند جواري وغسلتهن جميعا وأخذ مني ثلاثمائة دينار فعل كذا وكذا وحدثها الحديث كله وأراها الحلة والسرج فقالت لي فعلتها يا شعيب أنا نفية من أبي إن أنفقها إلا فيما يسوءك ثم أمرت بكبس منزلي وإحضارها الدنانير فأحضرت فاشترت بها خشبا وبيضا وسرجينا وعملت من الخشب بيتا فحبستني فيه وحلفت ألا أخرج منه ولا أفارقه حتى أحضن البيض كله إلى أن ينقف (4) فمكثت أربعين يوما أحضن لها البيض حتى أنقف كله وخرج منه فراريج كثير فربيتهن وتناسلن وكن بالمدينة يسمين بنات أشعب ونسل أشعب فهو إلى الآن بالمدينة نسل يزيد على الألوف وما بين الألوف كلهن أهلي وأقاربي قال إبراهيم فضحكت والله من قوله ضحكا ما أذكر إني ضحكت مثله قط ووصلته ولم يزل عندي زمانا ثم خرج إلى المدينة وبلغني أنه مات هناك.
(١٦٣)