قال فما كان بعد هذا إلا يسيرا حتى وافى المأمون دمشق ونزل سفح جبل دير المران (1) وبنى القبيبة التي فوق الجبل فكان يأمر بالليل بجمر عظيم فيوقد ويجعل في طسوس (2) كبار وتدلى من فوق الجبل من عند القبيبة (3) بالسلاسل والحبال فتضئ له الغوطة فيبصرها بالليل قال وكان أبو مسهر له حلقة في مسجد جامع دمشق بين (4) العشاء والعتمة عند حائطه الشرقي (5) قال فبين أبو مسهر ليلة من الليالي جالس في مجلسه إذ قد دخل المسجد ضوء عظيم فقال أبو مسهر ما هذا قالوا هذه النار التي تدلى لأمير المؤمنين من الجبل حتى تضئ له الغوطة فقال أبو مسهر " أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون " (6) وكان في حلقة أبي مسهر صاحب خبر للمأمون (7) فرفع (8) ذلك إلى المأمون فحقدها عليه وكان قد بلغه أنه كان على قضاء أبي العميطر فلما أن رحل المأمون من دمشق أمر أن يحمل أبا مسهر إليه فحمل وامتحنه بالرقة في القرآن وأحدر إلى بغداد فكان أخر العهد به قال وأخبرني أبو الحسن أحمد بن عيسى الجبلي (9) نا مساور بن أحمد بن شهاب العتابي قال لما صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر الدمشقي ووصفوه له بالعلم والفقه فوجه من جاء به فامتحنه في القرآن ثم قال يا شيخ أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هل اختتن قال لا أدري وما سمعت في هذا شيئا قال فأخبرني عنه (صلى الله عليه وسلم) أكان يشهد إذا تزوج قال لا أدري قال أخرج قبحك الله وقبح من قلدك دينه وجعلك قدوته قال وحدثني أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي الدمشقي نا
(٤٣٨)