فتوضأت وصليت واتاني بطعام وأخبرته أني صائم فلما كانت المغرب أتاني بماء فتوضأت وصليت وأرخى علي الليل سدوله فآيست (1) من الحياة وسمعت أبواب المدينة تغلق وأقفالها تشدد فامتنع مني النوم فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصي ففتح علي ومضى بي فأدخلني صحن دار ثم أدناني من ستر مسدول فخرج علينا خادم فأدخلنا فإذا أبو جعفر وحده والربيع قائم في ناحية فأكب أبو جعفر هنيهة مطرقا ثم رفع رأسه فقال هيه قلت يا أمير المؤمنين أنا قطن بن معاوية قد والله جهدت عليك جهدي فعصيت امرك وواليت عدوك وحرصت أن أسلبك ملكك فإن عفوت فأهل ذاك أنت وان عاقبت فباصغر ذنوبي تقتلني قال فسكت هنيهة ثم قال هيه فأعدت مقالتي فقال قال أمير المؤمنين قد عفا عنك فقلت يا أمير المؤمنين إني إن أصر من وراء بابك لا أصل إليك وضياعي ودوري فهي مقبوضة فإن رأى أمير المؤمنين أن يردها فعل فدعا بالدواة ثم أمر خادما فكتب بإملائه إلى عبد الملك بن أيوب النميري وهو يومئذ على البصرة إن أمير المؤمنين قد رضي عن قطن بن معاوية ورد عليه ضياعه ودوره وجميع ما قبض له فاعلم ذلك وأنفذه له أن شاء الله قال ثم ختم الكتاب ودفعه إلي فخرجت من ساعتي لا أدري أين اذهب فإذا الحرس بالباب فجلست جانب أحدهم أحدثه فلم البث أن خرج علينا الربيع فقال أين الرجل الذي خرج آنفا فقدمت إليه فقال انطلق أيها الرجل فقد والله سلمت فانطلق بي إلى منزل فعشاني وأفرشني فلما أصبحت ودعته واتيت إلى غلماني فأرسلتهم يكترون لي فوجدوا صديقا لي من الدهاقين من أهل بيسان (2) قد اكترى سفينة لنفسه فحملني معه فقدمت على عبد الملك بن أيوب بكتاب أبي جعفر فأقعدني عنده فلم أقم حتى رد علي جميع ما اصطفى لي أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان نا أبو بكر بن أبي الدنيا نا عبد الرحمن عن عمه الأصمعي
(٣١٨)