قال فلما أحرقت ذا الكفين بان لمن بقي ممن تمسك به أنه ليس على شئ فأسلموا جميعا ورجع الطفيل بن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان معه بالمدينة حتى قبض فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهدوا حتى فرغوا من طليحة وأرض نجد كلها ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو ابن (1) الطفيل فقتل الطفيل بن عمرو باليمامة شهيدا وجرح ابنه عمرو بن الطفيل وقطعت يده ثم استبل وصحت يده فبينا هو عند عمر بن الخطاب إذ أتي بطعام فتنحى عنه فقال عمر ما لك لعلك تنحيت لمكان يدك قال أجل قال والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك فوالله ما في القوم أحد بعضه في الجنة غيرك ثم خرج عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب مع المسلمين فقتل شهيدا أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين (2) قال نا الإمام أبو عثمان نا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه أنا أبو لبابة المهيني نا عمار بن الحسن نا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق بن يسار قال كان الطفيل بن عمرو الدوسي يقال إنه قدم مكة ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) بها فمشى إليه رجال قريش وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا فرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين المرء وبين أبيه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل عليك فلا تكلمه ولا تسمعن منه قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شئ من قوله قال فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائم يصلي عند الكعبة قمت قريبا منه فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله فسمعت كلاما حسنا فقلت في نفسي وا ثكل أماه والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت وإن كان قبيحا تركت قال فمكثت أياما حتى انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى ثنية (3) فاتبعته حتى إذا حل
(١٣)