أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أحمد بن إبراهيم نا محمد بن عائذ (1) قال قال الوليد وحدثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى وغيره أن قيسارية فلسطين كانت آخر الشام ومدائنها وحصون سواحلها فتحا وأن طرابلس دمشق كانت قبلها فتحا بسنة أو نحو ذلك وأن أهلها من الروم كانوا في منعة من حصنها فذكرت ذلك لشيخ من أهل طرابلس فحدثني أن معاوية بن أبي سفيان وجه إليها سفيان بن مجيب الثمالي في جماعة وعسكر عظيم قال أبو مطيع فعسكر في مرج السلسة بينه وبين مدينة أطرابلس خمسة أميال في أصل جبل يقال له طربل فكانوا هنالك يسير إليهم منه قال الشيخ فحاصرهم سفيان ومن معه أشهرا حتى انحاز أهلها إلى حصنها الخرب اليوم الذي عند كنيستها الخارجة منها قبل مدينة أطرابلس اليوم فكتب إليه معاوية يأمره أن يبني له ولأصحابه حصنا يأوي إليه ليلا ويغازيهم نهارا فبنى سفيان حصنا يقال له حصن سفيان وهو اليوم يسمى كفر قدح من مدينة أطرابلس على ميلين ونحو ذلك فلما رأى ذلك أهلها واشتد عليهم الحصار كتبوا إلى طاغية الروم فوجه إليهم مراكب كثيرة فأتوهم ليلا فاحتملوهم فيها جميعا صغيرهم وكبيرهم وحرقوها وصبح سفيان وأصحابه الحصن فلم يجدوا فيه أحدا إلا يهوديا تحصن من النار في سرب فيها فخرج من السرب فأخبرهم خبر الروم ومسيرها في السفن قال الشيخ فوجه إليها معاوية بن أبي سفيان ناسا من يهود الأردن فأسكنهم إياها فلم يزل على ذلك لا يسكنها غيرهم حتى دخل رجل من الروم من أرض الروم يقال له بقناطر لحدث كان منه بالروم فأقبل بأهله وماله حتى استأمن فأؤمن فنزلها فلم يزل كذلك حتى كان في زمان عبد الملك بن مروان فكان يقطع إليها بعثا من أهل دمشق صيفا فإذا شتوا قفلهم وشتا فرس بعلبك فأقام فيها بقناطر زمانا حتى خرج أهل بعلبك منها فلم يبق فيها من المسلمين إلا صاحب خراجها ورجلان معه فبينا هو كذلك إذ أتاه بقناطر في جماعة من أهل بيته فقتله وقتل صاحبيه وغلق باب المدينة وأخرج من في الحبس ثم قعد في مركبين من مراكب الصناعة وأخذ ناسا من يهود وانطلق بهم حتى أتى بهم صاحب
(٣٥٦)