فذهبوا جميعا إلى بيت القينة فلما أتوا بالغداء قال لهم سعيد إني رجل أسود ولعل فيكم من يقدرني فأنا أجلس وآكل ناحية فقاموا وقام فاستحيوا منه وبعثوا إليه بما أكل وأخرجوا جاريتين فجلستا على سرير قد وضع لهما فغنتا إلى العشاء ثم دخلتا وخرجت جارية حسنة الوجه والهيئة وهما معها فجلستا أسفل السرير عن يمينه وشماله وجلست هي على السرير قال ابن مسجح فتمثلت هذا البيت فقلت أشمس أم مصابيح بيعة * بدت لك خلف السجف أم أنت حالم * فغضبت الجارية وقالت أيضرب مثل هذا الأسود لي الأمثال فنظروا إلي نظرا (1) منكرا ولم يزالوا يسكنونها ثم غنت صوتا قال ابن مسجح فقلت أحسنت والله فغضب مولاها وقال أمثل هذا الأسود يقدم على جاريتي فقال لي الرجل الذي أنزلني عنده قم فانصرف إلى منزلي فقد ثقلت على القوم فذهبت لأقوم فتذمم القوم وقالوا لي بل أقم وأحسن أدبك فأقمت وغنت فقلت أخطأت والله يا زانية وأسأت ثم اندفعت فغنيت الصوت فوثبت الجارية وقالت لمولاها هذا أبو عثمان سعيد بن مسجح فقلت أي والله أنا هو لا والله لا أقيم عندكم فوثب القرشيون فقال هذا يكون عندي وقال هذا بل يكون عندي فقلت لا والله لا أقيم إلا عند سيدكم أعني الرجل الذي أنزلني منهم وسألوه عما أقدمه فأخبرهم الخبر فقال له صاحبه إني أسمر الليلة عند أمير المؤمنين فهل تحسن أن تحدو قال لا والله ولكني أصنع حداء قال (2) له فإني منزلي بحذاء منزل أمير المؤمنين فإذا وافقت منه طيب نفس أرسلت إليك ومضى إلى عبد الملك فلما رآه طيب النفس أرسل إلى ابن مسجح فأخرج رأسه من وراء شرف القصر ثم حدا * إنك يا معاوي المفضل (3) * إن زلزل الأقوام لم تزلزل * عن دين موسى والكتاب المنزل
(٢٩٤)