بلغكما وأنا غير مقصر وقد أصبت الدنيا وقد علمت علما يقينا أن لا آخرة لي فدعاني أتمتع (1) من دنياي فقال له أحدهما يقال (2) له عايوذا كان وأخاه في الله عز وجل أفلا خير من ذلك قال وما ذاك قال ترجع وتتوب إلى الله وأتكفل لك بالمغفرة والرحمة والجنة قال أتفعل قال نعم فقال اكتب لي على ربك كتابا بالوفاء فكتب له ثم خلع الملك وعاد إلى ما كان ولحق بالعباد وقال لهما لا تصحباني وكان عباد بني إسرائيل حين عظمت الأحداث فيهم اعتزلوهم ولحقوا بالجبال والسواحل يعبدون الله فلحق هذا بشعب العباد فانتهى إلى رجل قائم يصلي إلى جنب شجرة جرداء ليس عليها ورق كثيرة الشوك فقام إلى جنبه يصلي وكانت تلك الشجرة تحمل كل عشية رمانة عند إفطار العابد فهي رزقه إلى (3) مثلها من القابلة فلما أمسى قال في نفسه إني أطوي ليلتي هذه وأجعل رزقي لضيفي هذا قال فحملت الشجرة رمانتين فدفع إحداهما إلى الفتى وأكل الأخرى فقال له الفتى هل أمامك من العباد أحد قال امض أمامك قال فلما أصبح مضى حتى انتهى إلى رجل قائم يصلي على صخرة عليه برنس له من مسوح (4) فقام إلى جنبه يصلي وكان له كل ليلة إناء من ماء عليها رغيف وهو رزقه فلما أمسى جعل في نفسه أن يجعل رزقه لضيفه ويمسك عن نفسه فأتاه الله بإناءين على كل واحد منهما رغيف فأطعم أحدهما الفتى وأكل الآخر وشربا فلما أصبح الفتى قال له هل في الوادي من هو أعبد منك قال امض أمامك قال فمضى فانتهى إلى رجل قائم على تل بغير حذاء ولا قلنسوة في يوم شديد الحر عليه إزار من مسوح وجبة من مسوح قائم يصلي فقام إلى جنبه وكانت وعلة سخرها الله عز وجل تجئ في كل ليلة من الجبل فتقوم بين يديه وتفرج بين رجليها وضرعها يدر لبنا وعنده قعبة (5) له فيحلب من الوعلة ملء قعبته فذلك طعامه وشرابه فقال في نفسه أجعل رزقي لضيفي هذا وأمسك عن نفسي فلما أمسى جاءت الوعلة حتى وقفت فقام العابد إليها فحلبها وسقا الفتى وهي واقفة وضرعها يدر
(٣٧٧)