فأرسل ذو القرنين إلى ملكهم فقيل له أجب الملك ذا القرنين فقال ما لي إليه من حاجة فأقبل إليه ذو القرنين فقال له إني أرسلت إليك لتأتيني فأبيت (1) فها أنذا قد جئتك فقال له لو كانت لي إليك حاجة لأتيتك فقال له ذو القرنين ما لي أراكم على الحال التي رأيت لم أر أحدا من الأمم التي رأيت قال وما ذاك قال ليس لكم دينا ولا شئ أفلا اتخذتم الذهب والفضة فاستمتعتم بها فقال إنما كرهناها لأن أحدكم لا يعطي منها شيئا إلا تاقت نفسه ودعته إلى أفضل منه قال فما بالكم قد حفرتم قبورا فإذا أصبحتم تعاهدتموها فكنستموها وصليتم عندها قالوا أردنا إذا نحن (2) نظرنا إليها وأملنا الدنيا منعتنا قبورنا من الأمل قال وأراكم لا طعام لكم إلا البقل من نبات الأرض أفلا اتخذتم البهائم من الأنعام فاحتلبتموها وركبتموها واستمتعتم بها قال كرهنا أن نجعل بطوننا قبورا لشئ من خلق ربنا عز وجل ورأينا أن في نبات الأرض بلاغا وإنما يكفي ابن آدم أدنى العيش من الطعام وإن ما جاوز الحنك منها لم نجد له طعما كائنا ما كان من الطعام ثم بسط ملك تلك الأمة يده خلف ذي القرنين فتناول جمجمة وقال يا ذا القرنين أتدري من هذا قال لا ومن هو قال ملك من ملوك الأرض أعطاه الله عز وجل سلطانا على أهل الأرض فغشم وظلم وعتا (3) فلما رأى الله ذلك منه حسمه بالموت فصار كالحجر الملقى قد أحصى الله عز وجل عليه عمله حتى يجئ به في آخرته ثم تناول جمجمة أخرى بالية فقال يا ذا القرنين أتدري من هذا قال لا ومن هو فقال هذا ملك ملكه الله بعده قد كان يرى ما يصنع الذي قبله بالناس من الظلم والغشم والتجبر فتواضع وخشع لله عز وجل وعمل بالعدل في أهل مملكته فصار كما قد ترى قد أحصى الله عز وجل عليه عمله حتى يجزيه في آخرته ثم أهوى إلى جمجمة ذي القرنين فقال وهذه الجمجمة كأن قد كانت كهاتين فانظر يا ذا القرنين ما أنت صانع فقال ذو القرنين هل لك في صحبتي فاتخذك أخا ووزيرا وشريكا فيما آتاني الله عز وجل من هذا الملك فقال له ما أصلح أنا وأنت في مكان ولا أن نكون جميعا فقال له ذو القرنين ولم فقال من أجل أن الناس كلهم لك عدو ولي صديق قال
(٣٥٤)