أخبرنا أبو الحسن بن سعيد قال حدثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله قال أنا أبو بكر الخطيب (1) حدثني أبو القاسم الأزهري عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيوية قال أدخلني دعلج إلى داره وأراني بدرا من المال معبأة في منزله وقال لي يا أبا عمر خذ من هذه ما شئت فشكرت له وقلت أنا في كفاية وغنى عنها فلا حاجة لي فيها قال الخطيب (2) وحكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي عن دعلج أنه سئل عن سبب مفارقته مكة بعد أن سكنها فقال خرجت ليلة من المسجد فتقدم ثلاثة من الأعراب فقالوا أخ لك من أهل خراسان قتل أخانا فنحن نقتلك به فقلت اتقوا الله فإن خراسان ليست بمدينة واحدة فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس وخلوا عني فكان هذا سبب انتقالي إلى بغداد وكان يقول ليس في الدنيا مثل داري وذلك أنه ليس في الدنيا مثل بغداد ولا ببغداد مثل القطيعة ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف وليس في الدرب مثل داري قال (3) وحدثني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله الحداد وكان من أهل الدين والقرآن والصلاح عن شيخ سماه فذهب عني حفظ اسمه قال حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار ظاهر (4) الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة قال ثم جلس قال فغلبني هيبته ودخل قلبي محبته ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس الجمعة فكبر علي ذلك من أمره وتعجبت من حاله وغاظني فعله فلما قضيت الصلاة تقدمت إليه وقلت له أيها الرجل ما رأيت أعجب من أمرك أطلت النافلة وأحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها فقال يا هذا إن لي عذرا ولي علة منعتني عن الصلاة قلت وما هي قال أنا رجل علي دين اختفيت في منزلي مدة بسببه ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين علي ورائي فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري فأسألك بالله إلا سترت علي وكتمت
(٢٨٢)