كلثوم من الأسماء أو ليس البصل أطيب من الثوم فقال له العتابي لله درك ما أحجك أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني به فقال له المأمون بل ذلك موفر عليك ونأمر له بمثله فقال له إسحاق أما إذا أقررت بهذه فتوهمني (1) تجدني فقال له ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي يتناهى إلينا خبره قال أنا حيث ظننت فأقبل عليه بالتحية والسلام فقال المأمون وقد طال الحديث بينهما أما إذ اتفقتما على المودة فانصرفا فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده أخبرنا أبو المعالي الحسين بن حمزة بن الحسين السلمي نا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ أنا علي بن أبي علي البصري حدثني أبي حدثني أبو الفرج علي بن الحسين المعروف بالأصبهاني (2) إملاء من حفظه وكتبته عنه في أصول سماعاتي منه ولم يحضرني كتابي فأنقله منه فأثبته من حفظي توخيت ألفاظه بجهدي قال أخبرني محمد بن مزيد بن الأزهري نا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي حدثني أبي قال غدوت يوما وأنا ضجر من ملازمة دار الخلافة والخدمة فيها فخرجت وركبت بكرة وعزمت على أن أطوف الصحراء وأتفرج فقلت لغلماني إن جاء رسول الخليفة أو غيره فعرفوه أني بكرت في مهم لي وإنكم لا تعرفون أين توجهت قال ومضيت فطفت ما بدا لي وعدت وقد حمي النهار فوقفت في شارع المخرم (3) في فناء ثخين الظل وجناح خارج رحب على الطريق لأستريح فلم ألبث أن جاء خادم يقود حمارا فارها عليه جارية راكبة تحتها منديل دبيقي (4) وعليها من اللباس الفاخر ما لا غاية وراءه ورأيت لها قواما حسنا وطرفا فاترا وشمائل ظريفة فحدست (5) أنها مغنية فدخلت الدار التي كنت واقفا عليها وعلقها قلبي في الوقت علوقا شديدا لم أستطع معه البراح فلم ألبث إلا يسيرا حتى أقبل رجلان شابان جميلان لهما هيئة تدل على قدرهما وهما راكبان فاستأذنا فأذن لهما فحملني ما قد حصل في قلبي من حب الجارية وإيثاري علم حالها والتوصل إليها على أن نزلت معهما ودخلت بدخولهما فظنا
(١٥٤)