ومن خير حالات الفتى لو علمته * إذا نال شيئا (1) أن يكون ينيل عطائي عطاء المكثرين تكرما * ومالي كما قد تعلمين قليل وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى * ورأي أمير المؤمنين جميل * فقال لا كيف إن شاء الله يا فضل أعطه مائة ألف درهم ثم قال لله در أبيات تأتينا بها يا إسحاق ما أجود أصولها وأحسن فصولها فقلت يا أمير المؤمنين كلامك أحسن من شعري فقال يا فضل أعطه مائة ألف أخرى قال إسحاق فكان ذلك أول مال اعتقدته أخبرنا أبو الحسن بن قبيس نا وأبو منصور بن خيرون أنا أبو بكر الخطيب (2) أنا الحسن بن الحسين النعالي نا أبو الفرج الأصبهاني قال ذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله بن أبي سعد أن عبد الله بن سعيد بن زرارة حدثه عن محمد بن إبراهيم البيساري (3) قال لما قدم العتابي مدينة السلام على المأمون أذن له فدخل عليه وعنده إسحاق الموصلي وكان العتابي شيخا جليلا نبيلا فسم فرد عليه وأدنا وقربه حتى قرب منه فقبل يده ثم أمره بالجلوس فجلس وأقبل عليه يسائله عن حاله وهو يجيبه بلسان طلق فاستظرف المأمون ذلك منه وأقبل عليه بالمداعبة والمزح فظن الشيخ أنه استخف به فقال يا أمير المؤمنين الإيناس قبل الإبشاش (4) فاشتبه على المأمون قوله فنظر إلى إسحاق مستفهما فأومأ إليه بعينه وغمزه على معناه حتى فهمه ثم قال نعم يا غلام ألف دينار فأتى بذلك فوضعه بين يدي العتابي وأخذوا في الحديث ثم غمز المأمون إسحاق بن إبراهيم عليه فجعل العتابي لا يأخذ في شئ إلا عارضه فيه إسحاق فبقي العتابي متعجبا ثم قال يا أمير المؤمنين أتأذن لي في مسألة هذا الشيخ عن اسمه قال نعم سله فقال لإسحاق يا شيخ من أنت وما اسمك قال أنا من الناس واسمي كل بصل فتبسم العتابي ثم قال أما النسب فمعروف وأما الاسم فمنكر فقال له إسحاق ما أقل إنصافك أتنكر أن يكون اسمي كل بصل واسمك كلثوم وما
(١٥٣)