فقطف فيه من عنب ثم جاء به فوضعه بين يديه فقال كل فجعل ملك الموت يريه أنه يأكل وجعل يمضغه ويمجه على لحيته وعلى صدره قال فعجب إبراهيم وقال ما أبقت السن منك شيئا فكم أتى لك قال فحسب قال أتى لي كذا وكذا مثل إبراهيم فقال إبراهيم قد بلغت أنا هذا فإنما أنتظر أن أكون مثل هذا اللهم اقبضني إليك قال فطابت نفس إبراهيم عن نفسه وقبض ملك الموت روحه في تلك الحال أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن الكلابي وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني وأبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين إجازة قالوا نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أنا محمد بن أحمد بن رزقويه (1) أنا أحمد بن سندي بن الحسن الحداد نا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى العطار أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر عن محمد بن عطية عن أبيه قال إنما كان سبب موت إبراهيم والذي طيب الله به نفسه للموت إنه كان ذات يوم جالسا في ظل قصر له وكان أول من ضيف الضيف فاطلع عليه شيخ كبير قد تقوس ظهره من الكبر محتزما بحبل معتمدا على عصا حتى سلم عليه وجلس قال فأخرج له إبراهيم طعاما فأخذ الشيخ يلتقم اللقمة فتنحدر في بطنه انحدارا حتى تخرج منه فعجب إبراهيم لما يرى وهو ملك بعثه الله في صورة آدمي فقال له إبراهيم يا عبد الله ما هذا الذي يصيبك في الطعام قال بلغت حد الكبر الذي يكون صاحبه هكذا قال وكم أتى عليك قال مائتا سنة وسنة قال ولإبراهيم يومئذ مائتا سنة فقال إبراهيم يومئذ ما بقي بيني وبين أن أكون هكذا إلا سنة واحدة فقذر إبراهيم الدنيا وأبغض الحياة فيها ودعا ربه بالموت فقال يا رب لا تبقني إلى ما مددت لهذا في الأجل فأكون مثله فعند ذلك مات (صلى الله عليه وسلم) فقال ونا أبو حذيفة عن محمد بن عطية عن أبيه عن ابن عمر قال لما دخل ملك الموت على إبراهيم فقبض روحه فسلم عليه فرد عليه السلام فقال من أنت قال أنا ملك الموت قد أمرت بك فبكى إبراهيم عليه السلام حتى سمع بكاءه (2) إسحاق فدخل فسلم عليه فقال يا خليل الله ما يبكيك قال هذا ملك الموت يريد أن يقبض روحي قال فبكى إسحاق حتى علا بكاؤه بكاء إبراهيم عليه السلام فانصرف
(٢٥٥)