فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ثم جئت فأجدك قد انتهيت إلى حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم ووضع الله لك مجلسا فجلست عليه ثم قيل لك يفتح الله عليك وتنصر فاشكر ربك واعمل بطاعته ثم قرأ " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " (1) ثم انتبهت فقال له أبو بكر نامت عيناك خيرا رأيت وخيرا يكون إن شاء الله ثم قال بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي ثم دمعت عينا أبي بكر ثم قال أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا وأما نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب (2) والمعاش وأما قولي للمسلمين شنوا على أعداء الله الغارة فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة فإن ذلك دنو المسلمين إلى بلاد المشركين وترغيبي إياهم على الجهاد والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها واستأمنوا فأمنتهم فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك وأما الحصن الذي فتح الله لي فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي وأما العرش الذي رأيتني عليه جالسا فإن الله يرفعني ويضع المشركين وقال الله تبارك وتعالى ليوسف " ورفع أبويه على العرش " (3) وأما الذي أمرني بطاعة الله وقرأ علي السورة فإنه نعا إلي نفسي وذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة وعلم أن نفسه قد نعيت إليه ثم سالتا عيناه فقال لآمرن بالمعروف ولأنهين عن المنكر ولأجهدن فيمن نزل أمر الله ولأجهزن الجنود إلى العادلين (4) بالله في مشارق الأرض ومغاربها حتى يقولوا الله أحد أحد لا شريك له أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون هذا أمر الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإذا توفاني الله عز وجل لا يجدني الله عاجزا ولا وانيا ولا في ثواب المجاهدين زاهدا فعند ذلك أمر الأمراء وبعث إلى الشام البعوث
(٦٢)