كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٩٠
اقتضى طبع الحال وقوف النجاشي عليه وقوف الصديق على أسرار صديقه، وإكثار النقل منه، مع أنه لا ينقل عنه إلا في موارد لا تتجاوز بضعة وعشرين موارد، وهو يقول في كثير من هذه الموارد " قال أحمد بن الحسين " أو " قاله أحمد بن الحسين " مشعرا بأخذه منه مشافهة لا نقلا عن كتابه.
نعم، يقول في بعض الموارد: " وذكر أحمد بن الحسين " الظاهر في أنه أخذه من كتابه.
2 إن الظاهر من الشيخ الطوسي أن ما ألفه ابن الغضائري أهلك قبل أن يستنسخ حيث يقول: " واخترم هو (ابن الغضائري) وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه " (1).
3 إن لفظ " اخترم " الذي أطلقه الشيخ عليه، يكشف عن أن الرجل مات بالموت الاخترامي، وهو موت من لم يتجاوز الأربعين وبما أن النجاشي الذي هو زميله تولد عام 372، يمكن أن يقال إنه أيضا من مواليد ذلك العام أو ما قبله بقليل، وبما أن موته كان موتا اختراميا، يمكن التنبؤ بأنه مات بعد أبيه بقليل، فيكون وفاه حوالي 412، وعلى ذلك فمن البعيد أن يصل الكتاب إلى يد النجاشي ولا يصل إلى يد الشيخ، مع أن بيئة بغداد كانت تجمع بين العلمين (النجاشي والشيخ) كل يوم وليلة، وقد توفي الشيخ سنة 460، وتوفي النجاشي على المشهور عام 450، فهل يمكن بعد هذا وقوف النجاشي على الكتاب وعدم وقوف الشيخ عليه؟
وأقصى ما يمكن أن يقال: إن ابن الغضائري ترك أوراقا مسودة في علم الرجال، ووقف عليها النجاشي، ونقل عنه ما نقل، ثم زاد عليه بعض المعاندين ما تقشعر منه الجلود وترتعد منه الفرائص من جرح المشايخ ورميهم بالدس والوضع، وهو كما قال السيد الداماد في رواشحه " قل أن يسلم أحد من

(1) مقدمة فهرس الشيخ: " الطبعة الأولى " الصفحة 2، و " الطبعة الثانية " الصفحة 24.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست