قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ٩ - الصفحة ٢٤٥
فدفع في صدره، وقال: «أدركك عرق من أمك» ثم أخذ الراية فهزها، ثم قال:
اطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسدد * ثم حمل وحمل الناس خلفه فطحن عسكر البصرة، ثم دفع إليه الراية وقال امح الأولى بالأخرى وهذه الأنصار معك، وضم إليه خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين في جمع من الأنصار، فحمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم، وأبلى بلاء حسنا. فقال خزيمة بن ثابت لعلي (عليه السلام): أما أنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح! ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال. وقالت الأنصار له (عليه السلام): لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين (عليهما السلام) لما قدمنا على محمد أحدا من العرب. فقال (عليه السلام): «أين النجم من الشمس والقمر! أما إنه قد أغنى وأبلى، وله فضله، ولا ينقص فضل صاحبيه عليه، وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى إليه» فقالوا: والله! ما نجعله كالحسن والحسين (عليهما السلام) ولا نظلمهما له ولا نظلمه - لفضلهما عليه - حقه. فقال (عليه السلام):
أين يقع ابني من ابني بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فقال خزيمة بن ثابت:
محمد ما في عودك اليوم وصمة * ولا كنت في الحرب الضروس معردا أبوك الذي لم يركب الخيل مثله * علي، وسماك النبي محمدا فلو كان حقا من أبيك خليفة * لكنت، ولكن ذاك ما لا يرى بدا وأنت بحمد الله أطول غالب * لسانا، وأنداها بما ملكت يدا وأقربها من كل خير تريده * قريش وأوفاها بما قال موعدا وأطعنهم صدر الكمي برمحه * وأكساهم للهام عضبا مهندا سوى أخويك السيدين، كلاهما * إمام الورى والداعيان إلى الهدى أبى الله أن يعطي عدوك مقعدا * من الأرض، أو في اللوح مرقى ومصعدا وقيل لمحمد: لم يغرر بك أبوك في الحرب ولا يغرر بالحسن والحسين (عليهما السلام)؟
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»