أخبرني قدس سره أن بعض أمراء الملاحدة قال له: قد سألت علماء هذه البلاد عن مسألتين فلم يقدروا على الجواب: إحداهما أن ما ذكر في القرآن في نوح " فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما " لا يقبله العقل! لأنا رأينا كثيرا من القلاع والعمارات المحكمة المبنية بالصخر المنحوت قد خربت وتكسرت أحجارها وتفرقت أجزاء صخورها في مدة يسيرة أقل من ثلاثمائة سنة، فكيف يبقى البدن المؤلف من لحم ودم ألف سنة؟.
قال: فقلت له في الحال: ليس هذا عجيبا ولا بعيدا، لان الحجر ليس فيه نمو وزيادة فإذا تحلل منه جزء ولم يخلف مكانه أجزاء أخر تحلل في عشر سنين وبدن الحيوان إذا تحلل منه جزء حصل مكانه جزء بسبب الغذاء والنمو كما هو مشاهد في من جرح أو قطع منه لحم أو شعر أو ظفر فإنه يخلف مكانه في وقت يسير، فاستحسن الجواب.
قال: الثانية ان عندنا تفسيرا صنفه بعض المتأخرين وذكر أنه ألفه لرجل من الأكابر وأثنى عليه ثناء بليغا جدا بما يليق بالملوك ولم يذكر اسمه وإنما قال:
اسمه مذكور في سورة الرحمان. فقال الأمير. أحب أن تعرفوني اسم هذا الرجل ولم يذكر المؤلف اسمه مع هذا الثناء البليغ؟.
قال: فقلت له في الحال: اسمه " مرجان " لأني سمعت في بغداد مدرسة تسمى المرجانية وإنما لم يذكر اسمه لأنه من أسماء العبيد. فاستحسن منه الجوابين وتعجب منه وكان يكثر الثناء عليه.
وقد رثيته بقصيدة طويلة بليغة قضاء لبعض حقوقه لكنها ذهبت في بلادنا مع ما ذهب من شعري ولم يبق في خاطري * إلا هذا البيت:
وبالرغم قولي قدس الله روحه * وقد كنت أدعو أن يطول له البقا.
وقد مدحه الشيخ إبراهيم العاملي البازوري بقصيدة تقدم في ترجمته أبيات منها ومدحته أنا بقصيدة لم يحضرني منها شئ.