وأما القسم الثاني وهو أن الله تعالى ذكر لفظا يدل على الدوام ولم يضم إليه ما يدل على أنه سيصير منسوخا فنقول على هذا التقدير وجب أن لا يصير منسوخا وإلا لزمت محالات أحدها أن ذكر اللفظ الدال على الدوام مع أنه لا دوام تلبيس وهو غير جائز وثانيها إن جوزنا ذلك لم يكن لنا طريق إلى العلم بأن شرعنا لا يصير منسوخا لأن أقصى ما في الباب أن يقول الشرع هذه الشريعة دائمة ولا تصير منسوخة قط البتة ولكن إذا رأينا مثل هذا مع عدم الدوام في بعض الصور زال الوثوق عنه في كل الصور وثالثها أنه مع تجويز مخالفة الظاهر لا يبقى وثوق بوعده ووعيده وكل بياناته فإن قلت عرفناه بالإجماع أو بالتواتر قلت أما الإجماع فلا يعرف كونه دليلا إلا بآية أو خبر ولا تتم دلالة الآية والخبر إلا بإجراء اللفظ على ظاهره فإذا جوزنا خلافه لا يبقى دليل الإجماع موثوقا به
(٣٠٠)