الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٦٩
وبه إلى سعيد بن منصور: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي قال: كتب عمر إلى شريح: إذا أتاك أمر في كتاب الله فاقض به ولا يلفتنك عنه الرجال، فإن لم يكن في كتاب الله فبما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن في كتاب الله عز وجل، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فيما قضى به أئمة الهدى فأنت بالخيار: إن شئت أن تجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا خيرا لك.
حدثنا حمام، ثنا الباجي، ثنا عبد الله بن يونس، ثنا بقي بن مخلد، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا علي بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن شريح أن عمر ابن الخطاب كتب إليه: إذا جاءك شئ في كتاب الله فاقض به، ولا يلفتنك عنه الرجال، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها، فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله عليه السلام ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الامرين شئت: إن شئت أن تجتهد رأيك وتقدم فتقدم، وإن شئت أن تؤخر فتأخر، ولا أرى التأخير إلا خيرا لك.
قال أبو محمد: هذا كل ما موهوا به، ما نعلم لهم شيئا غيره، وكله لا حجة لهم في شئ منه.
أما قوله تعالى: * (وشاورهم في الامر) * وقوله عز وجل: * (وأمرهم شورى بينهم) * فإن كل مخالف ومؤلف لا يمتري أن ذلك ليس في شرع شئ من الدين، ولو أن أحدا يقول: إن الصلاة فرضت برأي ومشورة، أو قال ذلك في الصيام أو الحج، أو في شئ من الدين، لكان كاذبا آفكا كافرا مع ذلك. وكيف يكون هذا مع قول الله تعالى: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) * وقوله تعالى: * (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ء آ لله أذن لكم أم على الله تفترون) * وقوله تعالى: * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) * وقوله: * (تلك
(٧٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 764 765 766 767 768 769 770 771 772 773 774 ... » »»
الفهرست