أراد المتكلم توجيه مخاطبه إليه فبمجرد ان التفت إلى جانب الخارج أو الذهن تحصل صورة ذلك الخارج في ذهنه ويحصل بذلك ما هو المقصود للمتكلم (إذا عرفت) ذلك ظهر لك ان مورد الإشارة ومحل توجيه النفس إليه لا بد أن يكون جزئيا خارجيا أو ذهنيا ليتعقل صرف حواس الغير إلى جانبه وتوجيهها شطره لغرض الإحاطة بتفصيله فان ذلك لا يكون في معنى كلي بل المعاني الكلية إجمالية كانت أو تفصيلية ان حصلت في الذهن بتوسيط ألفاظها حصلت بأنفسها من نفس اللفظ بلا واسطة أخرى ومن غير جذب اللفظ للنفس إلى معان اخر وإلى جهات ذلك المعنى الكلي لتنتقل بنفسها إلى ذلك الكلي (وذلك) ان الكلي لا يدرك بالحواس الظاهرة ليعقل التوسل إلى تحصيله في نفس الغير بصرف حواسه إلى جانب ذلك ليدركه بحواسه وبالمباشرة هذا ما اختلج بالبال عاجلا واما الإحاطة بحقيقة الموضوع له في أسماء الإشارة والضمائر والموصولات وميز بعضها من بعض فتحتاج إلى توسعة في مجال الفكر وصفاء من النفس أرشدنا الله تعالى إلى حقائق الأمور الاستعمال في المجاز بالطبع أو بالوضع قوله أظهرهما انها بالطبع الذوق والطبع انما يجولان في ميدان المعاني بإلحاق بعضها ببعض و دعوى العينية بينهما فيدعى ان حقيقة الأسد مثلا حقيقة سيالة يدخل فيها الرجل الشجاع والمنية وكل ما يشابهها في الجهات و الأوصاف التي يمتاز بها الأسد عن ما عداه ولا يعرج الذوق والطبع إلى مقام الألفاظ ولا يحكم بحسن استعمال لفظ في معنى قط فإنه عين الالتزام بالدلالة الذاتية أو ما يقرب من ذلك (والظاهر) ان المصنف (قده) أراد أن حسن الاستعمال يكون بواسطة الطبع لا ان الطبع هو المقتضى التام له فان الأوضاع الحقيقية وتنزيل الألفاظ منزلة معانيها الأولية تنزيل لها ثانيا وبالعرض منزلة ما هو منزل من المعاني منزلة تلك المعاني الأولية فان المتحد مع ما هو متحد مع الشئ متحد مع ذلك الشئ الآخر ففي الحقيقة يكون المصحح للاستعمالات المجازية هي الأوضاع الحقيقية غاية الأمر انه بضميمة التوسع في المعاني الحقيقية (فصح ان يقال) ان الاستعمالات المجازية تكون بالوضع لكن لا بوضع
(١٧)