وذلك فيما إذا حمل على الجزئيات نحو زيد قائم والفاضل المعهود كريم وكذا النداء نحو يا قائم ويا قاتل وقد يكون حال وجود الموضوع وذلك فيما إذا حمل على الطبائع والكليات نحو الانسان أو كل إنسان مدرك وقد يكون حال وقوع حدث وذلك إذا تعلق فعل أو شبهه به كما في أعطيت أو سأعطي فقيرا أو ضاربا درهما فيعتبر في المبادي الغير المتعدية حصولها في تلك الأزمنة وفي المتعدية حصولها فيها أو فيما قبلها حجة القول بأنه حقيقة في الماضي مطلقا أنه مستعمل فيه والأصل في الاستعمال الحقيقة ولا يعارض بوقوعه مستعملا في المستقبل أيضا لأنه خارج بالاجماع وبأن النحاة أطبقوا على أنه اسم فاعل وظاهر التسمية يقتضي أن يكون الموصوف فاعلا حقيقة وبأن معنى المشتق من حصل له المبدأ و خرج من قوة الاتصاف إلى الفعل وهو يتناول الماضي أيضا وبأن كلا من المؤمن والعالم يصدق على النائم والغافل حقيقة وليس إلا باعتبار قيام المبدأ بهما في الزمن الماضي إذ لو كان مجازا لصدق السلب ومن الظاهر خلافه والجواب أما عن الأول فبأن الاستعمال أعم من الحقيقة إن أريد به إثبات الاشتراك اللفظي وإن أريد به إثبات الاشتراك المعنوي فإنما يتم على تحقيقنا المتقدم في المشتقات المأخوذة من المبادي المتعدية حيث لم يثبت استعمالها في خصوص الحال والماضي وإنما ثبت مجرد إطلاقها عليهما وأما فيما عدا ذلك فاستعمالها في خصوص الحال ثابت وحينئذ فلا يتم التمسك بالأصل المذكور على ما مر تحقيقه مع أنا قد بينا ما يوجب الخروج عن الأصل في المشتقات الغير المتعدية على تقدير تسليمه وأما عن الثاني فبأن المدار في التسمية عندهم على مجرد الصيغة بأي معنى استعملت كما في الماضي والمضارع وأما عن الثالث فبأن المراد من له المبدأ أو ذو المبدأ والتعبير تسامح وأما عن الرابع فبأن الايمان عبارة عن صورة علمية وهي قائمة بالنفس حال النوم والغفلة أيضا غاية الامر أنه ذاهل في هاتين الحالتين عن حصولها ومثله الكلام في العالم حجة القول بأنه مجاز في الماضي أنه يصدق السلب المطلق أعني السلب في الجملة لصدق الأخص منه وهو السلب في الحال فلا يكون حقيقة فيه لا يقال ثبوته في الحال أخص من ثبوته مطلقا ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم لأنا نقول ليس الحال قيدا للمنفي بل للنفي فليس المقصود أن نفي المقيد يستلزم نفي المطلق بل المراد أن النفي المقيد يستلزم النفي المطلق وهذا واضح فإن قيل إنما يلزم من ذلك النفي في الجملة وهو لا ينافي الثبوت في الجملة قلنا كيف لا ينافي وصريح العرف واللغة يحكم بالتكاذب بينهما فإذا ثبت أنه ليس حقيقة فيه كان مجازا لوجود العلاقة المصححة وأجيب بأنه إن أريد الصدق بحسب اللغة فممنوع أو بحسب العقل فلا منافاة والتحقيق في الجواب أن يقال إن أريد أن صدق قولنا ليس بضارب الان يستلزم صدق قولنا ليس بضارب فممنوع لان ذلك سلب المطلق لا مجرد سلب مطلق لان المنفي حيث كان موضوعا للقدر المشترك بين الماضي والحال فنفيه لا يصدق عقلا ولغة إلا حيث ينفي بكلا فرديه فيناقض إيجاب المقيد قطعا وإن أريد أنه متى صدق قولنا الضرب منفي في الحال صدق قولنا الضرب منفي في الجملة و أنه ينافي قولنا الضرب ثابت في الجملة أو أنه ضارب فممنوع إذ لا منافاة بين ذلك لا لغة ولا عقلا حجة القول بأنه حقيقة في الماضي إذا لم يمكن البقاء أنه لو لم يكن كذلك لما كان للمتكلم والمخبر و الماشئ والمتحرك ونحوها حقيقة والتالي باطل بالضرورة فكذا المقدم بيان الملازمة أن مباديها مركبة من أجزاء يمتنع اجتماعها في الوجود وأجيب بأن مبنى العرف واللغة على التسامح في مثل ذلك فإن المتكلم ما دام متشاغلا بالكلام يصدق عليه عندهم أن مبدأ التكلم باق فيه غير منقض عنه وكذا الكلام في بواقي الصفات والحق أن هذا القائل إن أراد أن المشتقات المأخوذة من المصادر السيالة حقيقة في الماضي ما دام الموصوف متشاغلا ببعض الأجزاء صح كلامه و رجع نزاعه إلى اللفظ حيث اعتبر البقاء بحسب العقل فنفاه واعتبره غيره بحسب العرف فأثبته وإن أراد أنه حينئذ حقيقة في الماضي سواء بقي التشاغل بتلك الأجزاء أو لم يبق كان النزاع معنويا لكن لا ينهض دليله حينئذ على دعواه حجة القول بأنه حقيقة في الماضي إذا كان الاتصاف أكثريا أنهم يطلقون المشتقات على المعنى المذكور من غير نصب قرينة كما في لفظ الكاتب والخياط والقاري والمتعلم و المعلم وغيرها والجواب أن تلك المشتقات إن اعتبرت من حيث صيرورة مباديها ملكات لمحالها فصدقها بدون القرينة عليها حال عدم التشاغل بالمبادي لا يثبت المدعى وإن اعتبرت بحسب نفس مباديها فلا نسلم أنها تطلق على من قام به المبدأ في الماضي من غير قرينة مع أن ما ذكر من أغلبية الاتصاف مما لا أثر له في الأمثلة المذكورة تنبيهات الأول مفهوم المشتق عند بعض المحققين معنى بسيط منتزع من الذات باعتبار قيام المبدأ بها ومتحد معها في الوجود الخارجي فما اشتهر في العبائر والألسنة من أن معنى المشتق ذات أو شئ له المبدأ فإما مسامحة منهم في التعبير وتفسير للشئ بلوازمه أو وارد على خلاف التحقيق لان المراد بالذات والشئ إن كان مفهومهما لزم دخول العرض العام في مفهوم الفصل فيكون الفصل عرضيا للنوع لان مفهوم الذات والشئ عرضي لافراده والمركب من الذاتي والعرضي لا يكون ذاتيا بالضرورة وإن أريد ما صدق عليه الذات أو الشئ فمع أنه لا يناسب وقوعه محمولا يلزم أن ينقلب مادة الامكان الخاص ضرورية لان ذاتا أو شيئا له الكتابة أو الضحك هو الانسان لا غير فيصدق كل إنسان كاتب أو ضاحك بالضرورة لان ثبوت الشئ لنفسه ضروري ويمكن أن يختار الوجه الأول ويدفع الاشكال بأن كون الناطق مثلا فصلا مبني على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك ويمكن أن يختار الوجه الثاني أيضا ويجاب بأن المحمول ليس مصداق الشئ والذات مطلقا بل مقيدا بالوصف وليس ثبوته حينئذ للموضوع بالضرورة لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا وفيه نظر لان الذات المأخوذة مقيدة بالوصف قوة أو فعلا إن كانت مقيدة به واقعا صدق الايجاب بالضرورة وإلا صدق السلب بالضرورة ولكن يصدق زيد الكاتب بالفعل أو بالقوة بالضرورة ولا يذهب عليك أنه يمكن التمسك بالبيان المذكور على إبطال الوجه الأول أيضا لان لحوق مفهوم الذات أو الشئ لمصاديقهما أيضا ضروري
(٦١)