أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٨
للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) *.
وقوله تعالى: * (الله العزيز الحكيم) * ذكر جل وعلا فيه الثناء على نفسه، باسمه العزيز واسمه الحكيم بعد ذكره إنزاله وحيه على أنبيائه، كما قال في آية النساء المذكورة * (وكان الله عزيزا حكيما) * بعد ذكره إيحاءه إلى رسله.
وقد قدمنا في أول سورة الزمر أن استقراء القرآن. قد دل على أن الله جل وعلا إذا ذكر تنزيله لكتابه أتبع ذلك بعض أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وذكرنا كثيرا من أمثلة ذلك.
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير (يوحي) بكسر الحاء بالبناء للفاعل، وعلى قراءة الجمهور هذه فقوله: الله العزيز الحكيم فاعل يوحي.
وقرأه ابن كثير (يوحى إليك) بفتح الحاء بالبناء للمفعول، وعلى هذه القراءة، فقوله: الله العزيز الحكيم، فاعل فعل محذوف تقديره يوحى كما قدمنا إيضاحه في سورة النور في الكلام على قوله تعالى: * (يسبح له فيها بالغدو والا صال رجال) *.
وقد قدمنا معاني الوحي مع الشواهد العربية في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى * (وأوحى ربك إلى النحل) * وغير ذلك من المواضع. قوله تعالى: * (وهو العلى العظيم) *. وصف نفسه جل وعلا في هذه الآية الكريمة، بالعلو والعظمة، وهما من الصفات الجامعة كما قدمناه في سورة الأعراف، في الكلام على قوله تعالى: * (ثم استوى على العرش) *.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من وصفه تعالى نفسه بهاتين الصفتين الجامعتين المتضمنتين لكل كمال وجلال، جاء مثله في آيات أخر كقوله تعالى: * (ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم) * وقوله تعالى: * (إن الله كان عليا كبيرا) *. وقوله تعالى * (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) * وقوله تعالى * (وله الكبريآء فى السماوات والا رض) *. إلى غير ذلك من الآيات.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»